ظاهرة ارتفاع نسبة غياب الطلبة عن الفصول الدراسية، من المشكلات التربوية التي تؤرق العديد من المجتمعات على مستوى العالم، وتشكل هدرا في المنظومة التعليمية، وتنذر بعواقب وخيمة على المجتمع والأسرة وعلى المتغيبين عن المدرسة. لذا سعت البرازيل لاستغلال التكنولوجيا الحديثة في إيجاد حلول للقضاء على تلك الظاهرة، من خلال تقنية حديثة للتعرف والتتبع اللاسلكي عن بُعد، تعرف باسم (رفيد) لتحديد الهوية بترددات موجات الراديو، وتتميز بالدقة والمرونة. وبدأت تطبيقاتها تشق طريقها نحو المجتمع في الآونة الأخيرة، في المنتجات الاستهلاكية لمراقبة تحركات المنتج والاتصال به، ومع الحيوانات الأليفة لتتبعها، وكذلك في العديد من التطبيقات الطبية والأمنية. وقد بدأت البرازيل، مؤخرا، وتحديدا في مدينة فيتوريا دي كونكيستا بولاية باهيا شمال شرقي البلاد، في دمج شرائح إلكترونية دقيقة (Microchips) بالزي المدرسي للطلبة، لتتبعهم وتحديد مواقعهم وإبلاغ أولياء أمورهم في حال تغيبهم عن الفصول الدراسية أو وصولهم في وقت متأخر. وقد تم تجهيز المباني المدرسية بأجهزة استشعار للمساعدة على تفعيل هذه التقنية والتعرف على وقت دخول الطلبة للمبنى المدرسي والفصول المدرسية. وبدأ ما يقارب 20 ألف طالب وطالبة من 25 مدرسة من إجمالي 213 مدرسة عامة من مدارس مدينة فيتوريا دي كونكيستا البرازيلية، باستخدام قمصان زي مدرسي ذكية (تي شيرت) تحمل رقائق إلكترونية. وبحلول عام 2013، سوف يستخدم جميع طلبة المدارس العامة بالمدينة والبالغ عددهم 43 ألفا، رقاقة مدمجة بقميص الزي المدرسي. وقد استثمرت حكومة المدينة مبلغ 670 ألف دولار في تصميم وتصنيع وإنتاج واختبار عمل هذه الرقائق بالزي. ومدينة فيتوريا دي كونكيستا، هي أول مدينة في البرازيل، وربما في العالم، تستخدم هذا النظام التقني في الزي المدرسي لتتبع الطلبة. وتسعى العديد من المدن البرازيلية للحصول على معلومات حول كيفية عمل هذا النظام. وهذه الرقائق تسمح لجهاز الكمبيوتر بالتعرف وقت دخول الأطفال المدرسة، ويقوم بإرسال رسائل نصية للهواتف الجوالة لأولياء أمور الطلبة، كما ينبههم برسالة أخرى بعد 20 دقيقة من بداية الحصة الدراسية، في حالة عدم وصول ابنهم للفصل المدرسي لأن الكثير من أولياء الأمور يحضرون أطفالهم إلى المدرسة، ولكنهم لا يعرفون إذا كانوا قد دخلوا بالفعل الفصول المدرسية أم لا، فهم دائما ما يتركونهم على عجالة للذهاب إلى أعمالهم في الوقت المحدد. وتحتوي هذه البطاقات على: هوائي "أنتينا "antenna لاستقبال وإرسال البيانات من خلال موجات الراديو، وقارئ لإرسال المعلومات، وبرامج كمبيوتر وقواعد بيانات لاستقبال ومعالجة البيانات وإظهارها على جهاز الكمبيوتر، حيث تعمل الرقاقات على إصدار إشارات تنتقل عبر موجات الراديو، ويقوم جهاز المسح أو الأقمار الصناعية بتحديد هذه الإشارات ومكان صدورها. فهذه التقنية باختصار عبارة عن شرائح إلكترونية دقيقة تستخدم موجات الراديو لإرسال البيانات إلى قارئ مرتبط بدوره بشبكة الإنترنت، وهذه التقنية ليست سوى أحد الطرق الحالية التي تسمح بالأشياء المادية للانتقال عبر الإنترنت، وهو مفهوم يطلق عليه مصطلح " إنترنت الأشياء". وقد استخدمه لأول مرة رائد التكنولوجيا البريطاني كيفن أشتون عام 1999. ويعني المصطلح اندماج الأشياء المادية في شبكة الإنترنت، من خلال إدخال شرائح ذكية بها لتصبح قادرة على الاتصال، وبالتالي تكون عنصرا مشاركا في مختلف أنماط الحياة اليومية. والرقائق أو الشرائح الميكروية (الدقيقة) المستخدمة بالزي المدرسي، تماثل تلك المستخدمة في تعقب الحيوانات الأليفة في الكثير من الدول، وهي موضوعة تحت ذراعي المعطف المدرسي، أو على أحد الأكمام، ولديها نظام للأمن يجعل من المستحيل العبث بها. كما أن الزي المدرسي يمكن غسله وكيه، دون الإضرار بهذه الرقائق مما يضمن عدم عبث الأطفال بها لتعطيلها ويحد من ظاهرة هروب الطلاب من المدارس التي تؤرق أولياء الأمور والهيئات التعليمية.