اعتاد ابني ذو الثمانية أعوام أن يسمع منِي كلمة "أحبك" كل يوم قبل أن يخرج من البيت بدوني أو في نهاية مكالماتي الهاتفية معه، مثلما اعتدت سماع رده "أحبك كذلك" في كل مرَة. واليوم وكعادتنا قلتها له وهو يرتدي حذاءه استعداداً للخروج وسمعت ردَه المعتاد، ثم بعدها بساعات هاتفته لأطمئن عليه وكان على ما يبدو محاطاً بالأطفال، وقبل أن أنهي المكالمة قلت "أحبك" فردّ "طيِب". ظننت للمرة الأولى أنه لم يسمعني جيِداً فعدتها عليه "أحبك" فردّ "طيِب ماما باي" وأقفل الخط..! مضت دقيقة صمت مع نفسي أتأمَل فيها بحزن كيف أن سموم المرجلة الشَرقية الزائفة كانت قد بدأت تتسلَل إلى عقل وعاطفة ابني والذي بشهادة كافَة أفراد العائلة لطالما كان أكثر أطفالها تعبيراً عن عاطفته. ابني قالها في رأسه ولكنَه أمسك عنها لسانه حتَى لا يسخر منه أصدقاؤه، وهو لا يفهم لم قد يسخر منه الآخرون عند تعبيره عن حبه لأمه ولكنَه يعلم أنه الحاصل، ولصغر سنِه وقلَه حكمته أتت ردَة فعله الطبيعيَة محاولاً التَكيُف مع بيئته.. نفس البيئة التي حملته أن يطلب منِي ذات يوم ونحن عائدون من مدرسته أن لا أحضنه أمام أصدقائه وكان حذراً من أن يجرح مشاعري فبرَر طلبه بأنه يكون حينها "حرَان". تبريره ذلك وحده يكشف عن بداية صراع داخلي بين ما يعتقد أنَه صواب وبين ما يرضي مجتمعه. عيب في مجتمعه أن يحضن الرجل أمه أو يقول لها "أحبك يا أمي" علناً، والأكثر عيباً والذي غفل عنه هذا المجتمع هو أن يصدّ الرجل عن أمه حتى يراعي الأغراب! هنا وفي هذا السِن المبكِر يبدأ رجالنا بوضعنا داخل إطار "العيب" والتعامل معنا على هذا الأساس. واليوم وقد قبضت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على شابَين قاما بتوزيع أحضان مجَانية على شباب مثلهم وأغراب عنهم في شارع عام أقول، ربَما لا يكون صدّ ابني عنِي دافعه اجتماعي بحت، بل ربَما يكون هناك قانون حظر للأحضان عامَة لا أعلم عنه مستند على فتوى شرعيَة لا أعلم عنها كذلك والتي هي مستندة بدورها على نص شرعي لم يمر عليّ ولكن مرَ على ابني. أنا لا أتهكّم عندما أقول ذلك، نعم قد يعلم ابني ولا أعلم ولذلك قد يصبح ولي أمري القانوني يوماً من الأيام. @tamadoralyami [email protected]