لقد أصبح الإعلام السمة المميزة للعصر، وأضحى تأثيره في حياتنا طاغيًا لا يستطيع معه أي فرد في أي مكان أن يتجنبه، إنه يصنع العقول ويحركها، يغير اتجاهات الأفراد ويوجههم إلى حيث يشاء، بل هو يصنع الأحداث، بل ويصنع الأخبار، فللإعلام دور رئيسي في تكوين أفكار الشعوب والتحكم في سلوكياتها وأصبح مؤثرًا ومحركاً بل ومتحكماً في الجماهير يوجهها عبر وسائل شتى وبأساليب تختلف حسب طبيعة المهمة الموكلة للإعلام أن يقودها أو يتبناها . لم يعد خافياً أن الإعلام منذ تطوره تحول إلى أداة دعائية كبيرة في الصراعات بين الدول والجماعات السياسية المختلفة، ومع كل هذه الصراعات التي يقوم بدور البطولة فيها الإعلام اطلقت نظرية الرصاصة السحرية أو الطلقة السحرية وقد ركزت هذه النظرية على كيفية تحويل وسائل الإعلام إلى وسائل دعاية، وتحويل الخبر الصحافي أو الإذاعي أو المصور إلى صدمة نفسية، إلى طلقة سحرية، أو إلى إبرة مخدرة وهى تعني أن الرسالة الإعلامية لها تأثير قوى وفعال في المجتمعات فهذه الرسالة إذا صوبت لا تخطئ الهدف مهما كان له قوة دفاعية فهي كالرصاصة لا يمكن الهروب منها، وأصحاب هذه النظرية يرون أن جمهور المتلقين وهم أفراد معزولون ومجهولون عن بعض، يعيشون في المجتمع كذرات وحيدة ويتلقون الرسائل الإعلامية وهم في أماكنهم، من وسائل الإعلام المختلفة المسموعة منها والمقروءة وقد يكون العامل المرتبط بانعزال الإنسان عن الآخر وخضوعه لتأثير وسائل الإعلام؛ وفر بيئة ملائمة لوسائل الإعلام للتلاعب بعقول الرأي العام، بعد أن تحول كل فرد إلى ذرة معزولة تستجيب وحدها لأوامر وسائل الإعلام، فالمتلقي يتأثر تلقائياً بما يراه ويسمعه ويقرأه وهذا التأثير قوى وفعال يبلغ حد الهيمنة عليه ،هذا التأثير لا يظهر مباشرة على الفرد ولكن بعد فترة من خلال تراكم المتابعة الإعلامية فالعرض الهائل للأفكار والرسائل المبثوثة عبر وسائل الإعلام المختلفة تؤثر بشكل ملحوظ على المتلقي في فترة قصيرة، وتترك هذه الأفكار والرسائل أثراً عميقاً في حياة الفرد والمجتمع فهذه الرسائل لا تقوم ببث أفكار إيجابية تفيد المجتمع أو تساهم في افهام الناس، بل تبث إلينا أفكاراً مسمومة تستهدفنا وتؤثر على قيمنا. تعتبر وسائل الإعلام سلاحًا إيديولوجيا قويًا للسيطرة على الجماهير، وجعلهم يخضعون خضوعًا إراديًا طوعيًا للنظام المتحكم، ويسيرون وفق مقتضياته وتصوراته، ولذلك فنحن نرى أن النظام المتحكم في وسائل الإعلام ينتج لنا أفكارًا وقيمًا معينة في وقت معين، وتصبح هذه الأفكار هي الأفكار المهيمنة والمؤثرة على المجتمع بأسره، فهو يقوم في بعض الأوقات بتحويل اهتمام الجماهير إلى مسائل أخرى فرعية وبذلك فإنه يلهي الجماهير عن همومهم ويشغلهم عما يعانون منه في حياتهم من مشكلات، ويؤدى ذلك إلى الإحساس بشيء من السلبية واللامبالاة. إن نظرية "الرصاصة السحرية" ومفعولها العجيب الذى يؤدي إلى تحريك وتأجيج وتفتيت المجتمعات العربية، فقط غرفة مظلمة قد تدمر وطناً وتقوم بتحويلنا إلى شعوب متناحرة، من هنا يتعين علينا أن نكون أكثر وعياً بالإعلام وبإبره التخديرية ورصاصاته السحرية المخترقة للعقول والأفئدة!.