وصل الأمر والتمادي في حكومة نتنياهو ، التي أعلنت إلتزامها ب " حل الدولتين " إلى إستفزاز أوساط من اليمين الإسرائيلي ، وحتى من أوساط الليكود نفسه ، وإنتقادهم علناً لإجراءات وسياسات حكومة تل أبيب الأستيطانية ، على خلفية قرارها بجعل تسع مستوطنات إسرائيلية قائمة في عمق أرض الضفة الفلسطينية " مناطق أولوية وطنية " وأن السكن فيها يحظى بإمتيازات إقتصادية كبيرة مغطاة من قبل الحكومة ، بهدف تشجيع وصول مستوطنين جدد إليها . فقد كتب دوف فايسغلاس في يديعون أحرنوت ، مقالاً تحت عنوان " لا يصنعون سلاماً هكذا " ، إنتقد فيه حكومة نتنياهو ، بجلوسها على طاولة المفاوضات ، بهدف التوصل إلى تسوية على قاعدة حل الدولتين ، وهي في نفس الوقت تقوم بنشاطات إستيطانية تشق الضفة الفلسطينية على طولها كله ، ولذلك يرى أن قرار حكومة نتنياهو ، يتعارض مع رغبتها في إحراز تسوية سياسية مع الفلسطينيين ، ويسأل " أي صورة ستكون عليها الدولة الفلسطينية التي تمزقها سلسلة بلدات إسرائيلية " . دوف فايسغلاس ، كان مستشاراً لشارون ، ومديراً لمكتبه ، ومبعوثاً دائماً له لواشنطن ، وهي نفس المكانة التي يحتلها المحامي إسحق مولخو الأن مع نتنياهو ، كتب يقول أن مستشارة الأمن القومي الأميركية كونداليزا رايس ، نبهت أن واشنطن ترى أن مساحة الدولة الفلسطينية التي ستنشأ حتى ولو كانت بمساحة ملعب كرة قدم ، فمن الضروري أن تبدو الدولة الفلسطينية " مثل ملعب كرة قدم " أي كاملة ومتصلة ، بحيث يستطيع الفلسطينيون التنقل فيها من أقصاها إلى أقصاها دون أن يلاقوا إسرائيليين ، وأكدت رايس للإسرائيليين في ذلك الوقت كما يقول فايسغلاس " لن نوافق أبداً على دولة فلسطينية تبدو مثل قطعة جبن سويسري " كثيرة الثقوب بالمستوطنات الإسرائيلية . ويقول فايسغلاس " تبدلت إدارة بوش ، ولكنني لا أعتقد أن الموقف الأميركي تغير ، ولذلك إن قرار الحكومة يرمي إلى أن يعمق ويوسع ويكبر الثقوب الإسرائيلية في قطعة الجبن الفلسطينية ، مع أن الحكومة تعلم أن الفلسطينيين لن يوافقوا على دولة تقطع مساحتها بلدات إسرائيلية ، والعالم كله يؤيد هذا الموقف " ويخلص دوف فايسغلاس إلى سؤال جوهري نصه " كيف سيدفع قرار تقوية البلدات الإسرائيلية في قلب الأرض الفلسطينية ، إلى التوصل إلى تسوية تريدها إسرائيل كما تزعم حكومة نتنياهو ؟ " . إذا كان فايغسلاس مستشار شارون يستهجن التناقض في الموقف الإسرائيلي ، ويعتبر أن الحوافز المقدمة للمستوطنين من قبل الحكومة للسكن في مستعمرات الضفة الفلسطينية ، تتعارض مع الموقف الإسرائيلي في الجلوس على طاولة المفاوضات ، وإستفزازية ، وتمزق الخارطة الفلسطينية ، وتؤدي إلى فشل التوصل إلى تسوية وتجعل " كلام حكومة إسرائيل عن السلام – كما يقول هو حرفياً – سخرية " فماذا يبقى للفلسطينين أن يقولوا ؟؟ وما هي المفردات التي يمكن إستحضارها من قواميس اللغات لتعبر عن مشاعر ومصالح وإحتجاجات الفلسطينيين رداً على ما تفعله حكومة نتنياهو الإستيطانية الإستعمارية التوسعية في أرض فلسطين وعلى حساب شعبها وكرامته؟ .