يطلق مصطلح محدثي النعم (النوفوريش) على شريحة اجتماعية استفادت من المتغيرات التي حدثت بالنصف الثاني من القرن العشرين في عالمنا الثالث وانتقلت بذلك من حالة الفقر المدقع إلى عالم الثراء اللامحدود بفترات قياسية طبعاً لم تهبط عليهم تلك الثروات من السماء بل كانت نتيجة صفقات مشبوهة وأحياناً تجارة غير شرعية وتلاعب بالوثائق الرسمية وسرقة المال العام والخاص أحياناً. محدثو النعم تبقى احشاؤهم تعج فقراً... مقولة شهيرة ولكنها صحيحة فنلاحظ أن الجيل الأول منهم كان همهم جمع المال وتكديسه دون الاكتراث بطريقة انفاقه على نقيض الجيل الثاني .أولادهم المدللون.. نراهم يتفننون بطريقة البزخ ومع ظهور أجهزة الاتصالات الحديثة وتنوع السيارات الفارهة وتنامي المنتجعات الراقية والمقاهي الشبابية الغالية .. كلها أمور أدت لظهورهم على العلن وممارسة هوايتهم المفضلة وهي الاستعراض والتباهي بكل ما هو مقتنى ومشترى وأمور أخرى كالحراسة الشخصية . وعادة ما يكونون عصبيي المزاج وشديدي الملل وكثيري التهكم ومن الصعب توقع ردود أفعالهم ودائماً نراهم متباهين بثرواتهم ومعارفهم وصفتهم الجامعة انعدام الثقافة واللباقة ولو أن بعضهم من حملة الشهادات وأحياناً من كليات القمة . اعتقد أن تغير عادات المجتمع وتغير طبيعة التفكير والابتعاد عن الثقافة ساهمت بنمو تلك الفئة بالإضافة إلى الجشع والطمع وحب المال الشديد والكراهية وانعدام الاخلاق كونت تربة خصبة أدت لنموها ومع تحول المجتمع بالكامل إلى مجتمع مادي مغرم بالقشور والمظاهر أصبح مرتعاً لها و أصبح انتماء إلى النوفوريش أو القرب منهم مفخرة ومدعاة للغيرة والحسد. النوفوريش كشريحة اجتماعية نمت وترعرعت على انقاض فئة ملاك الأراضي وأصحاب المعامل البسيطة التي كانت سائدة واتسعت لتقضي على الطبقة الوسطى التي تحول أبناؤها إلى فقراء ومع الأزمات المالية المتلاحقة نراهم يزدادون ثراءا وعدداً إلا أن الأزمات الأخيرة في عالمنا العربي تحمل بين ثناياها طبقة جديدة وماكرة وأدهى من النوفوريش .. طبقة جديدة من المستغلين ومصصاصي دماء الفقراء إنهم صغار تجار الأزمات وسماسرة الحروب فقد ظهروا كمنافس قوي لهم بل حتى سحبت البساط من تحت أقدامهم وآذنت بذلك بأفول عهد النوفوريش ... وشر البلية دائماً يضحكنا.