الهجرة بالتعريف مغادرة،نهائياً، إقليم الدولة إلى إقليم دولة أخرى بنية الإقامة بصفة دائمة، وتعرف هذه الهجرة بالهجرة الخارجية، ولا يلجأ إليها إلا المهاجر الذي يبحث عن العيش في غير وطنه سوى الخوف على حياته، وهي وسيلة للدفاع عن النفس. والهجرة عن الأوطان لا تأتي من فراغ، وإنما هناك دوافعاً وأسباباً ومبررات تدفع إلى الهجرة الخارجية، منها: حالة الإحباط، ومحاصرة هوية الإبداع والتفكير والاضطهاد والإرهاب والتعسف بسبب الخلافات العقدية والسياسية والعنصرية. وتعد هجرة الكفاءات العلمية العربية خسارة فادحة للوطن العربي إذ يفقد كفاءاته الوطنية من أطباء ومهندسين وفنيين وعلماء وكتّاب ومفكرين يتوجهون إلى الدول الأوروبية أو الأمريكية، فيسهمون إسهاماً كبيراً في تبوأها مكانة علمية سامقة في حين تحتاج إليهم بلدانهم للرفع من شأنها والإسهام في تقدمها وتطورها والرقي صحياً وفنياً وطبياً واقتصادياً واجتماعياً وإعلامياً وثقافياً وعلمياً. ذكر رئيس الأكاديمية الوطنية للمهندسين (وليام وولف) أمام لجنة الكونجرس الأمريكي:أن نسبة حملة الدكتوراه والعلماء والمهندسين المولودون في الخارج ويعملون في الولاياتالمتحدةالأمريكية ارتفعت بين عام 1390ه (1980م) وعام 1420ه (2000م) من نسبة (24%) إلى (37%) وأن ربع المهندسين في الهيئات التدريبية في الجامعات الأمريكية مولودون في الخارج، ويمنح ثلث شهادات الدكتوراه في العلوم والهندسة في الولاياتالمتحدة لطلبة مولودين في خارجها. وفي إحصائية:أن ثلث الكفاءات العلمية انتقلت من أفريقيا إلى أوروبا في عقد التسعينات الهجرية والثمانينات الميلادية، وأن كنداوالولاياتالمتحدةالأمريكية قبلتا بين عام 1380ه (1960م) وعام 1410ه (1990م) أكثر من مليون مهاجر مهني وفني من الدول النامية! وفي إحصائية أخرى أشارت إلى أن هناك من السودان نسبة (17%) من الأطباء و(20%) من أساتذة الجامعات و(30%) من المهندسين يعملون في مركز البحث العلمي الذي يوجد بين باحثيه من حملة درجة الدكتوراه (700) مغربي، و(500) جزائري، و(450) تونسي. وفي إحصاءات أخرى تشير إلى أن (70) ألفاً من أصل (300) ألف من حملة البكالوريوس والماجستير من العرب قد هاجروا إلى خارج أوطانهم في عام 1415ه (1995م) وبلغ عدد حملة الدكتوراه العرب في الخارج (150) ألفاً وأصحاب المهن الطبية الذين هاجروا إلى أوروبا قد فاق عددهم (15) ألف بين عامي 1419ه (1999م) وعام 1421ه (2001م). وبلغت تحويلات الكفاءات العلمية العربية العاملة في الخارج مبلغاً مقداره (162ر25) بليون دولار في عام 1426ه (2006م) في حين يتكبد العالم العربي نتيجة هجرة كفاءاته العلمية الوطنية بما يقدر (200) بليون دولار سنوياً! ألم يحن الوقت في إيجاد بيئة حاضنة لكفاءاتنا العربية العلمية المهاجرة خارج الوطن العربي علمياً واجتماعياً وثقافياً، وإطلاق حرية الفكر والإبداع، وحفز الطاقات الإبداعية في الإنسان العربي وحثه على العمل والإنتاج واستخدام الموارد والأمكانات العربية في تنمية العالم العربي وتقدمه بدل هدرها في الخارج أو في مشاريع استهلاكية عقيمة، وغير ذات جدوى!؟ للتواصل: ص. ب 45032 جدة 21512