من الصعوبة بمكان لأي فرد العمل في مهنة التدريس وإتقانها, ولا يمكن لكل من يستوعب مادته العلمية استيعاباً تاماً ممارسة التدريس علي أكمل وجه, فالإلمام بالمادة العلمية ومحتواها شئ مختلف تماماً عن القدرة علي تدريسها, وفي هذا الصدد لا يمكن التقليل من أهمية الإلمام بالمادة العلمية لإجادة التدريس, غير أنه وحده لا يفي بالعملية... هذا من جانب ومن جانب آخر نطرح التساؤل التالي وهو هل التدريس الجيد هو ذلك التدريس المبني علي الخبرة فقط؟ إن الخبرة وحدها لا تكفي لأن عملية التدريس ليست بهذه البساطة, فهي عملية صعبة ومركبة, وبحاجة لإعداد جيد وتدريب متواصل, لذا فإن استطاع الملتحقون بمهنة التدريس اجتياز اختبارات اختيارهم بنزاهة وشفافية وتلقوا فيما بعد قدر كاف من الدُربة والمران المطلوبين, الأمر الذي يعد محوراً أساسياً للإنجاز, وبالتالي الوصول للنجاح الذي من شأنه تطوير العملية التعليمية بشكل عام, هذا إذا أدركنا أن العملية بِرُمتها تعتمد بادئ ذي بدء علي المعلم نفسه, مع عدم إغفالنا للعناصر الأخرى التي تشكل محاور العملية التعليمية كالكتاب المدرسي والوسائل التعليمية وتطوير المقرر وأساليب التقويم والإشراف الفني, إضافة إلي تحسين المباني والمرافق المدرسية... كل ذلك مهم, غير أنه ليس بالضرورة ضمان تحقيق الأهداف المنشودة إذا لم يتوفر المعلم المؤمن بمهنته إيماناً قاطعاً ولديه رغبة حقيقية في أداء مهامه المرتكزة علي الوعي والبصيرة وشعوره بالانتماء إلي مهنة التدريس, تأسيساً لما سبق نستطيع القول أنه لا يمكن لأي فرد أن يكون معلماً بمجرد قبوله كطالب في كلية التربية بعد تخرجه من الثانوية العامة, وبالتالي لا يمكن الحكم عليه بالصلاحية لتولي مهام مسؤولية مهنة التدريس حال تخرجه, فالمنتمي لتلك المهنة يجب أن تتوافر فيه شروط تتعلق بالصفات الشخصية والمهنية التي من شأنها تأهيله للالتحاق بهذه المهنة السامية, فإذا افتقر الفرد للصفات السابقة,عندئذ لا يمكنه التأهل للالتحاق بها.