أمام الجولات الأمريكية إلى المنطقة وفلسطين نرى أن ما يجري أصبح يشكل مخاوف لدى الشعب الفلسطيني صاحب الحقوق والأرض ، ولهذا لا بد من التأكيد أن السيادة للشعب الفلسطيني على أرض وطنه فلسطين ولا يمكن أن تنطفئ بسبب الاحتلال والاستيطان ، وهذا يتطلب عدم العودة إلى دائرة المفاوضات مهما بلغت الضغوطات ، وخاصة أن العودة إلى هذا المسار يعني السيطرة على ما تبقى من الأرض .إن خطوة الاعتراف بحل الدولتين،وفق شروط العدو الإسرائيلي ، هو حل أقرب إلى الوهم في ظل ميزان القوى المختل راهناً، ولا يشكل حلاً أو هدفاً مرحلياً ، وإنما يمثل ضمن موازين القوى في هذه المرحلة تطبيقاً للرؤية الإسرائيلية الأمريكية، التي تسعى إلى مسخ وتقزيم هذا المفهوم واخراجه على صورة حكم ذاتي موسع ,أو "دويلة مؤقتة، مفتتة ، ناقصة السيادة" أو أي مسمى آخر لا يتناقض مع الشروط الإسرائيلية الأمريكية. وفي ظل هذه الظروف نرى ان الادارة الامريكية تسعى الى لعبة السير على حافة الهاوية، ضمن إجراءات وترتيبات تمنع الانحدار إلى عمق الهاوية أو الصعود نحو الحل وخاصة في ظل العين الأميركية الساهرة على المصالح القومية العليا للولايات المتحدة. أمام كل ذلك لم يعد مفهوماً الحديث عن حلول مرحلية، يعزز هذا الاستنتاج الفشل الذريع لمسار المفاوضات على مدار عشرين عاما ، حيث يتمادى الاحتلال الصهيوني في مشاريعه الاستحواذية الإقصائية للأرض والسكان في الضفة الفلسطينية ، من خلال سياسة ممنهجة قائمة على تصور خلق وقائع مادية على الأرض، صادمة ومانعة لتحقيق حتى حلّم إنجاز الهدف المرحلي القائم على أساس حق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، بالترابط والتوازي مع سياسة عنصرية ضد أهلنا في مناطق 1948 وتزايد الضرب على وتر الإبقاء على جناحي الدولة مقسمين وعصيين على التلاقي، بفعل الوقائع السياسية والميدانية التي يفرضها الاحتلال ، وسياسة الأمر الواقع. ان ما نراه من تحرك شعبي واسع في الضفة الفلسطينية يبشر بانتفاضة فلسطينية ثالثة، يضع النقاط على الحروف بما يتعلق بوحدة الشعب الفلسطيني ووحدة مصيره في كل مكان، ويثبت بما لايدع مجالا للشك، أن العدو المتربص بهذا الشعب لايألو جهداً، ولا يوفر وقتاً في التخطيط لاقتلاعه ودماره، وبالتالي من الطبيعي أن تكون ردة فعل هذا الشعب بحجم المؤامرة والاستهداف وأن يكون السعي الأساسي لتوحيد جهوده وقواه لتصب في نهر المقاومة الشاملة ضد الاحتلال ووجوده القاتل. ان التسليم بشرعية الاغتصاب الصهيوني ، وتقزيم فلسطين هو امر مرفوض من الشعب الفلسطيني رغم كافة المتغيرات السياسية الحاصلة في المنطقة، وما يتوجب اليوم أن يكون هناك هدفاً استراتيجياً لكافة الفصائل والقوى هو رفض العودة إلى أي مسار سياسي والعمل على نقل ملف القضية الفلسطينية إلى الاممالمتحدة من اجل المطالبة بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ، مع التمسك بخيار المقاومة بكافة اشكالها لانها حق كفلته المواثيق الدولية . إن إنهاء الانقسام اصبح مطلب شعبي من أجل وضع الحالة الوطنية على سكة إنجاز التفاهمات التي تمت حول العديد من المسائل والقضايا، التي سيسندها تشكيل حكومة توافق وطني وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية شفافة وعلى أساس وطني قادر على تأمين مشاركة وطنية لمختلف القوى والاطراف في تحديد المواقف والسياسات الوطنية، بما يحافظ على الوحدة الوطنية بأبعادها السياسية والكفاحية والشعبية ويفتح بارقة أمل في قدرة الساحة الوطنية على السير قدماً على طريق تطوير الفعل الوطني، والهجوم السياسي، والدبلوماسي، والكفاحي، القادر على وضع حد للصلف والعنجهية والإجرام الصهيوني ورفع كل مبررات التخاذل الدولي عن معاقبة حكومة الاحتلال على هذه الممارسات التي تتنافى وأبسط قواعد الشرعية والقانون الدولي. أمام كل ذلك علينا أن لا نعول على الزيارات المكوكية الأمريكية ، وعلينا أن نرى الشموخ لدى الشعب الفلسطيني والتمسك بالأرض والمقاومة والحقوق الثابتة، وفي الدفاع عن حق الأسرى ومعتقلي الحرية في سجون الاحتلال الصهيوني ،وعدم تعريض حياتهم للخطر بفعل السياسات والممارسات الصهيونية التي تفوق في عنفها وهمجيتها كل ما شهدته البشرية، حيث يحرم السجناء من الحقوق التي توفرها المواثيق والمعاهدات الدولية، فمجرمي الحرب الصهاينة يمارسون شتى أنواع التعذيب والمعاملة اللاإنسانية حيث شهدت تلك المعتقلات استشهاد العديد من الشهداء وخروج العديد من الأسرى بعاهات كبيرة، إضافة إلى الأحكام التي تصل لمئات السنين، وإعادة الاعتقال والاعتقال الإداري والظروف القاسية على كل المستويات التي يتعرض لها الاسرى والاسيرات الابطال مما يتطلب رفع هذه القضية لكل الهيئات والمنتديات الدولية، لوضع حد نهائي لهذا الواقع المؤلم، الذي يهدد مصير الآلاف من خيرة مناضلي الشعب الفلسطيني، والتي تتعارض مع كل الأعراف والمواثيق والمعاهدات الدولية الخاصة بمعاملة أسرى الحرية كأسرى حرب وعدم إبقاء الكيان مطلق اليدين في جرائمه ضد مئات الآلاف من أسرى الحرية الفلسطينيين والعرب وعلى الأسرة الدولية والعالم أن يتحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية لوضع حد لهذه الجرائم والممارسات العنصرية والتي كلفت شعبنا العشرات من الأبطال ومئات المناضلين .والعبرة الأساس أن تبقى مهمة تحرير أسرانا ومعتقلينا في السجون الصهيونية أمانة في أعناقنا جميعاً كحركة وطنية وشعبية.