عادت للظهور دراسة ميدانية حديثة كانت قد أجرتها شركة الأبحاث العالمية ابسوس لصالح وكالة الأنباء العالمية رويترز كشفت أن السعودية تحتل المركز الثالث من بين 24 دولة في قضايا التحرش الجنسي في مواقع العمل وأن ما معدله 50% من الطلاب والطالبات في المملكة تعرضوا إما للتحرش أو الاغتصاب. وقد تفاجأت بالأرقام شأني شأن الجميع ولكن عوضاً عن التشكيك في ما يأتي من الخارج شككت في ما لم يأت من الداخل! فمن حيث أراه قد تكون النسبة حتى أعلى من ذلك حيث إنه بثقافة مجتمع كمجتمعنا المحافظ هل نتوقع أن جميع حالات التحرش والاغتصاب تم حصرها وتسجيلها أو نتوقع اعتراف كل من شملتهن عيِنة الدراسة؟! ثم لماذا نستبعد هذه الأرقام في ظل غياب قانون يجرِم التحرش؟ فليس هناك ما يمنع أو يردع..! أضيف أننا نخدع أنفسنا لو أنكرنا ما نراه عاراً أمامنا في الشوارع والأماكن العامة من تلهف الشباب ليسترقُوا نظرة قد تكشف لهم شيئاً مما وراء السواد ناهيك عما يتعدى النظر الى المعاكسات والمحارشات والترقيم.. فلم العجب؟! وفيما لا يتم اعتقال أي معاكس ومشاكس نظراً لغياب قانون وعدم وجود تهمة يتم من ناحية أخرى اعتقال المحتسبين! بأي تهمة يتم اعتقالهم؟ لا توجد تهمة سوى مخالفة التعليمات التي تمنع الاحتساب في بعض المحافل ولذلك يتم الأفراج عنهم ببساطة بعد توقيعهم تعهداً بعدم الاحتساب. فهل يصدق الأمن بعد الإفراج عنهم انهم سيمتنعون عن الاحتساب عامة حتى ولو امتنعوا حينها؟ الجواب بديهياً لا لأنه وببساطة العقوبة لم تكن رادعة.. بل حتى إني قرأت لمحتسب مطرود تغريدة يعزي فيها نفسه وزملاءه المحتسبين يقول فيها «لا تيأسوا فإن الألم والصبر على الأذى نهايته الجنة»..! لا أفهم كيف تكون الجنة رجاء من يقتل الفرح ويسبب الفوضى وينشر الخوف في نفوس مطمئنة ويخالف الأنظمة ويعرقل سير الفعاليات الوطنية..! أن يتم رفع مشروع قانون للتحرش الجنسي لمجلس الشورى ويظل ثلاث سنوات أسير الدراسة هراء لا يقبله عقل مسؤول.. ماذا هناك ليدرس كل هذه المدة؟ هل يوجد لوضع قانون يحمي الأطفال قبل البالغين ويحفظ شرفهم وكرامتهم أضرار يجب أخذها بعين الحسبان مما يستدعي التأني مثلاً؟! وبين معاكسات وترقيم وتحرش واثارة فوضى واحتساب تتنوع المظاهر التي تعكر صفو الحياة عموماً والفعاليات السنوية المدعومة من الحكومة من معرض كتاب وجنادرية وغيرها خصوصاً. فمن المستفيد من عرقلة اصدار قوانين رادعة ومهذبة للسلوك الهمجي وتطبيقها.. ومن المستفيد من تشويه صورة البلد والإسلام والمسلمين وما الداعي لهذه الظواهر غير الحضارية والصراعات المخجلة المتكررة والتي تصاحبها ضجة إعلامية محلية وعربية وعالمية ليسخر الأخرون منا ويجعلوا منا نكتة كل موسم بسبب ممارسات البعض! وعلى افتراض ان هناك فائدة ومستفيد، كما لا يمكن أن يكون المستفيد أيا كان محب للدين أو الوطن أو حتى لنفسه المريضة، لا يمكن ان تكون هناك فائدة ترجى لدين أو دولة من وراء تأخير إصدار هذه القوانين الماسة! اتمنى أن نسمع قريباً خبر إدراج قانون واضح بعقوبات مفصَلة ضمن القانون الجنائي السعودي يجرِم التعدِي على مساحة الآخرين الخاصة يدخل تحت مظلته كل من التحرش الجنسي والمعاكسات والترقيم وحتى الاحتساب العشوائي بغير صفة رسمية والذي يخضع لاجتهادات شخصية في الرؤية والتصرُف باعتبارها جميعها سلوكيات يقع بها ضرر عظيم على كرامة الشعب وصورة الدين وسمعة وأمن الوطن. @tamadoralyami