بعد عامين من المفاوضات السرية والعلنية تخللتهما إخفاقات كثيرة، أمكن للزعيم الكردي التركي عبد الله اوجلان أن يعلن وقفاً لإطلاق النار وسحبا لمقاتلي حزب العمال الكردستاني إلى قواعدهم في العراق، وبالتالي بداية عملية سياسة لا تخلو من الصعوبات والإشكالات لدى الأتراك والأكراد على السواء لحل ما يعرف بالمسألة الكردية التي شكلت على الدوام صداعاً لساسة تركيا، وقليلون منهم تجرؤوا على الشروع في معالجتها والبحث عن تسوية تاريخية لها. ويفترض بحسب المفاوضات التي خاضها رئيس أجهزة الاستخبارات حقان فيدان مع اوجلان أن هناك شقين للحل: عسكري يتوقع أن يحسم بنهاية هذه السنة، وسياسي يتمثل بحزمة من التشريعات التي قدمها رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان إلى البرلمان بغية توسيع حقوق الأكراد وإنهاض التنمية في مناطقهم. لا شك أن أساس هذا الحل يقوم على احترام المساواة في إطار المواطنة. ومجرد قبول الأكراد بهذا المبدأ يعني أنهم كما أشار اوجلان يريدون المشاركة في الديمقراطية والتفاعل معها. ما يعني أيضاً أنهم مقبلون على الاندماج في المجتمع. صحيح أن ثمة معالم لا تزال مجهولة في التفاهم أو الاتفاق الذي حصل، ومرد ذلك إلى أن الطرفين لديهما قوى لا تحبذ إنهاء الصراع. فالأحزاب القومية التركية تجد في هذا الانتصار "الاردوغاني" مزيداً من التهميش لدورها، كما أن قسماً كبيراً من الأكراد يخشون أن يعني هذا الحل انتهاء حلمهم القومي الذي رأوه دائماً في شكل دولة مستقلة. لذلك يشكل الحدث لحظة اختيار واختبار وعلامة فارقة. فبمقدار ما يقرب تركيا من استكمال شروط تأهلها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بمقدار ما يبدد هواجس الأتراك من أن يكون الأكراد سبباً في تفتت بلادهم إلى دويلات .هناك من يشير إلى عقد صفقة لكن بصفقة أو من دون صفقة كان لابد من إنهاء هذا الصراع وحل المسألة الكردية كاستحقاق وطني لا بد منه.والأكيد أخيراً أن الاتفاق مع اوجلان سيمكن أنقرة من مواجهة تداعيات الأزمة السورية.