البشر توّاقون إلى النجاح والإنجاز في حياتهم الشخصية والعملية ليس على مستوى المؤسسات والشركات فحسب، بل على مستوى الدول أيضاً، ولكن النجاح الدائم حلم صعب المنال؛ لأن الإنسان جُبِل على المحاولة والخطأ والفشل أحيانًا، والفشل ليس رذيلة -كما يعتقد الكثيرون- مادام لن يكون المحطة الأخيرة في التجارب التي يمر بها الأفراد والمؤسسات، بل يصبح الفشل فضيلة حين يكون دافعًا للنجاح، وسلمًا للصعود والنهوض والدفع باتجاه الأفضل وتحقيق الأهداف. بطبيعة الحال لا نستطيع أن نتجنب الفشل تمامًا، ولكن عندما نعلم أسباب الفشل عندئذ يمكننا علاج تلك الأسباب وتحويل هذا الفشل إلى نجاح، وقد حدّد علماء النفس وخبراء الإدارة أسبابًا كثيرة للفشل منها: ما يتعلق بالفرد نفسه من ضعف الهمة وقلة الخبرة، وتعجُّل النتائج والتسرع بالإضافة إلى نقص القدرات والنمطية والخوف المرضي من الفشل وعدم الثقة بالنفس، حيث يقع الفشل بلا شك حين يحدّث المرء نفسه بأن قدراته ووقته وخبرته لن تمكنه من النجاح؛ فيقول الإنسان: (لن أستطيع أن أفعل .. سوف يعوقني أمر ما.. لن يسمح الوقت لي ...إلخ). من أسباب الفشل كذلك ما يتعلق بالأهداف ذاتها؛ كأن تكون الأهداف مثلاً مشوشة وغير محددة، أو تكون غير واقعية كأن تضع إدارة مؤسسة ما هدفًا لإنجاز مشروع ما خلال (6) أشهر في حين أن الوقت اللازم لإنجاز هذا المشروع (10) أشهر مثلاً، كذلك يقع الفشل عندما تكون الأهداف روتينية لا ترتبط بالإثابة والتحفيز. ومن أسباب الفشل ما يرتبط بالجماعات وبالقائمين على الإدارة أنفسهم، وهنا يبرز أحد أهم أسباب الفشل وهو النزاع وكثرة الخلافات، كما تفشل الإدارة عندما تتعدّد وتتضارب الأوامر والتوجيهات الصادرة للأفراد أو عند تعدّد القيادات للعمل الواحد، وتفشل الإدارة حين ينقصها المنهج والتخطيط العلميان، وحين تسند الأمور إلى غير أهلها. للنجاح طريق واحد، وللفشل أبواب عدة، فمن السهل أن نجد ذرائع كثيرة نرجع إليها الفشل، لكن من الصعب حقًا هو أن نفسر لماذا ننجح؟!.. فهل ننجح عندما نضع أهدافاً واضحة ومحددة ونسلك درب الاجتهاد والجد والمثابرة للوصول لهذه الأهداف عبر خطط علمية مدروسة؟ أم النجاح رهن بالإدارة الجيدة؟ أم أن النجاح منهج شامل يأتي محصلة لأسباب كثيرة؟ وهذا هو الفارق بين النجاح والفشل.