لم يظهر التكفير عند المسلمين إلا لخلل أصاب فئة وصفها سيد الخلق المصطفى نبينا وقدوتنا سيدنا محمد - صلى الله عليه وآله وسلم حينما قال: «يأتي في آخر الزمان قوم من أمتي يخرجون من قبل المشرق، حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يتكلمون بكلمة الحق، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، يقرأون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم، ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء ولاصلاتكم إلى صلاتهم بشيء، ولاصيامكم بشيء لا يجاوز أيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فأقتلوهم، قتالهم حق على كل مسلم»، وهذا وصف الخوارج الذين سنوا تكفير المسلمين وقتالهم واستحلال دماءهم وأموالهم وأعراضهم، يقول ابن تيمية رحمة الله : «هم أول من كفر أهل القبلة بالذنوب، بل بما يرونه هم من الذنوب، واستحلوا أهل القبلة بذلك» ، وقال أيضاً «الخوارج أول من كفر المسلمين، يكفرون من خالهم، ويستحلون دمه وماله»، ومنذ ذاك التاريخ تغيب هذه الفئة حيناً عن المشهد، وتظهر حيناً وإن اختلفت المسميات، وما هذه الجماعات العنفية في عصرنا التي تسمي نفسها إسلامية، تكفر وتفجر، ثم أنضم لها أحزاب دينية ونسبتها إلى الدين كاذبة، وشاع العدوان فكرياً، وأخذ الإرهاب الفكري أقصى مداه، ومايجري على أرض مصر الكنانة اليوم من هذه الفوضى، التي يدفع فيها شباب ليعتدوا على الناس بعد أن أقيمت منابر فضائية تعددت تبث التكفير والتنسيق ليل نهار في أسلوب خطابي هجائي ملئ بالسباب والشتائم من كل لون، وتوزع تهماً جزافية على كل مخالف بما لم يقل ولم يفعل، وشاع جو من الكراهية غير معهود، ومع ظهور وسائل الاتصال الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي رأينا في بلادنا بوادر لمثل هذا، ونخشى إن زاد وشاع أن يحدث عندنا ماحدث عند الآخرين، ولنا تجربة لم تغب بجهود كبيرة لجهاز الأمن إلا زمناً يسيراً حينما غسلت أدمغة بعض شبابنا فارتدوا على بلادهم يفجرون ويقتلون، ويجب اليوم أن نحذر فالخوارج قادمون في شتى أقطارنا العربية والإسلامية، وكأن المطالبة بالحرية إنما تعنى أن يستغلها هؤلاء فيما ينشرون من تكفير يؤدي حتماً للتفجير والقتال في ساحات الأوطان، فتنتشر الفوضى فتسيطر هذه الجماعات والأحزاب التي تنسب نفسها إلى الإسلام زوراً فهل نحن نعي هذا هو ما أرجوه والله ولي التوفيق. ص.ب 35485 جدة 21488 فاكس: 6407043 [email protected]