تكثر المشاهد الدرامية والسينمائية خلال هذه الأيام التي يلجأ أبطالها من الشباب والرجال إلى التدخين وتعاطي المخدرات، ويكون ذلك تحت مبررات تشمل تخفيف الضغوط لحل مشكلة أو ضغط نفسي تعرض له البطل خلال أحداث المسلسل أو الفيلم، مما يشكل خطورة على تشكيل فكر ووجدان الجمهور وبالتالي يساعد في التأثير على سلوكياته في اللجوء إلى الإدمان بكافة أنواعه للخروج أيضاً من ضغوط الحياة. وقد كشفت دراسة أخيرة لرصد وتحليل مشاهد التدخين والمخدرات في الأعمال الدرامية خلال شهر رمضان الماضي، صادرة عن صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، عن ارتفاع عدد ساعات مشاهد التدخين والتعاطي بشكل ملحوظ لتصل إلى71 ساعة ونصف مقابل 54 ساعة للأعمال المذاعة في غير رمضان، وأكدت على أن هذا الواقع التلفزيوني يكتسب نوعا من الشرعية الاجتماعية، مما يؤدى إلى التأثير على سلوك الشباب. كما أكد العديد من الخبراء والمتخصصين أنه على الرغم من هذا الزخم من عدد ساعات مشاهد التدخين والإدمان إلا أنه يقابله تعسر الجهات المهتمة بالوقاية في الحصول على مساحة زمنية لبث حملات الحماية والتوعية. كما أشاروا إلى أن وضع التدخين في مصر غير مرضٍ، فضلاً على أن هناك حاجة ملحة إلى قانون يجرم التدخين ويتم تنفيذه، بالإضافة إلى تغيير ثقافة المجتمع حول المدخن بجانب التركيز على أن التدخين يؤثر على حقوق الأطفال في جميع المجالات بما فيها مجال التغذية والتعليم. في البداية، يقول الدكتور أحمد عبد العزيز– أخصائي الطب النفسي– أن هذه القضية تكمن في أن أغلب الشباب في فترة المراهقة يتجهون إلى اتخاذ قدوة لهم من الفنانين أو لاعبي الكرة، والشخص في هذه المرحلة يبحث عن الفرد المتحرر ويتخذه قدوة إيجابية ويؤيد ما يفعله سواء كان صحيحا أم خطأ. فمثلاً عندما يرى المراهق مشاهد الإدمان في السينما أو التليفزيون فإنه يترك الجانب الإيجابي ويتخذ الجانب السلبي فقط، ويقتنع بأن هذه الطريقة ستخلصه من مشكلات الحياة كما خلصت بطله ومثله الأعلى من مشكلاته. كما يقول الدكتور محمد عبد الوهاب– أخصائي الصحة النفسية– إن الإعلام يشكل عقول الشباب بشكل عام بما يقدمه، سواء كان حملات توعية أو سلبيات يقدمها بشكل إيجابي دون أن يقصد. وأيضاً يكون لمشاهد العنف التلفزيونية أثر سلبي كبير على نفسية المشاهد وشخصيته، خصوصاً الأطفال، كما أنه يساهم أحياناً في تشكيل الرأي العام تجاه فكرة أو قضية معينة، مشيراً إلى أنه يجب أن تستخدم الدراما التليفزيونية والأعمال السينمائية في توجيه رسائل لتشكيل سلوك واتجاهات الشباب في الطريق الصحيح وتكون موجهة وتشارك في تعديل مساره بدلاً من أن تسيء إليه وتضره وتساعده على الانحراف والإدمان. أما الآباء والأمهات فجميعهم يستغيث من مضمون الإعلام الذي اعتبره أغلبيتهم إعلاما فاسدا وموجها. فتقول مريم محمود، ربة منزل، أخاف أن تؤثر المسلسلات هذه الأيام على سلوك أولادي فأحاول أن أبعدهم عن القنوات الترفيهية، واعتاد على متابعة القنوات الدينية ليلاً ونهاراً خاصة بعد إذاعة مسلسل معين يوضح للشباب كيفية شرب المخدرات ومن أين يمكن للشباب الحصول عليه. أما رأفت عبد الله، موظف، فيقول: أخجل من مشاهدة العديد من المسلسلات التليفزيونية، فأصبحت الرقابة لا تفرق بين الأعمال السينمائية والأعمال الدرامية التي تعرض على شاشة التليفزيون داخل الأسرة، وتأتي بطلات المسلسلات عاريات ويشربن السجائر و"الشيشة" دون أي خجل أو دين؛ فأخاف من أن يعتاد بناتي على مشاهدة هذه المناظر ويعتبرنها في داخلهم صحيحة وإيجابية. وتقول ناريمان عبد الفتاح، محاسبة، استغرب جداً من مضمون الإعلام هذه الأيام حتى الإعلانات التليفزيونية أصبحت خليعة، بالإضافة إلى اللغة الغريبة التي يتحدثون بها في المسلسلات وينقلونها إلى الأولاد؛ لذلك تحاول دائما إبعاد أولادها عن هذه السلوكيات.