معلوم للجميع أن منطقة الخليج العربي هي أحد أهم المناطق حساسية من الناحية الاستراتيجية الجغرافية لوقوعها في وسط العالم، واقتصادياً لأنها تمتلك نحو ثلثي الاحتياطي العالمي من النفط، ولقد نجحت دول مجلس التعاون الخليجي في تحقيق إنجازات ونتائج ملموسة في توفير الأمن والأمان والتقدم والازدهار بتوفيق الله ثم بفضل تعاون وتكاتف دول المجلس، وحرصها الدؤوب على التنسيق الدائم والمتواصل بين المسؤولين في مختلف المجالات والميادين الأمنية والاجتماعية والاقتصادية بما يحقق التلاحم والتضامن والتكاتف، مما جعل مجلس التعاون على مدار السنوات والعقود الماضية مثالاً يحتذى به في كافة المحافل العربية.وإذا ما سلطنا الضوء على الصعيد الأمني، نجد أن الاجتماعات الدورية لوزراء داخلية مجلس التعاون الخليجي شكلت أحد الجسور المهمة لمناقشة التطورات السياسية والأمنية إقليمياً ودولياً، وتوفير التنسيق المتكامل بين الأجهزة الأمنية في دول المجلس، وذلك من أجل اتخاذ كافة الوسائل والإجراءات الأمنية اللازمة لضمان سلامة أراضيها ومواطنيها. ولقد اكتسب الاجتماع الأخير الذي انعقد في الرياض في الثالث عشر من شهر نوفمبر الماضي أهمية كبيرة، حيث شكل مناخاً جيداً لدراسة العديد من القضايا الأمنية المهمة مثل رواج غسيل الأموال وتجارة المخدرات وقراءة الأحداث التي تمر بها المنطقة، إضافة إلى دراسة الأوضاع الحرجة لدول الجوار وأثرها المحدق على منطقة الخليج، وكل ذلك يستوجب سرعة التحرك الجماعي لوضع الآليات الواضحة لمواجهة هذه الملفات الساخنة، وضرورة التحرك الفاعل لتنسيق الجهود وتوحيد المواقف وتدعيم قدرات دول الخليج الأمنية. موضوع الأمن في منطقة الخليج لا يقبل الاختلاف أو المساومة تحت أي ظرف، وهو عند الخليجيين خط أحمر لا يمكن تجاوزه، وهناك أعداء يحاولون التربص بدول الخليج العربي، عبر دعوات ضالة مفسدة، همهم الأول زعزعة الأمن وتشتيت وحدة الصف، واستهداف الدين والعقيدة والمجتمعات الخليجية، وهو ما أكده مؤخراً مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار علمائها الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، في خطبة الجمعة بجامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض، داعياً في نفس الوقت أبناء دول الخليج إلى توحيد الكلمة وطاعة ولي الأمر، وعدم الانقياد للآراء الضالة أو الانجراف خلف الدعوات التي تسعى إلى انتشار الاعتصامات والمظاهرات. إن منطقة الخليج تحتل موقعاً مهماً جداً في الخارطة العالمية، ولدى دول مجلس التعاون الخليجي مشتركات كثيرة جداً على الصعيد الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، وبلا شك فإن الاتحاد الخليجي، والذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله -، أصبح مطلباً أمنياً واستراتيجياً بالدرجة الأولى لدول الخليج، ومن خلاله يمكن ترسيخ الأمن والاستقرار والتكامل الاقتصادي وحماية مقدرات هذه الدول، في ظل ما يدور في المنطقة من أخطار وما يجوب فيها من تداعيات أمنية وسياسية. كاتب وباحث أكاديمي