ليس واضحًا بعدُ هل سيحدث تغيير فى السياسة الخارجية الأمريكية بعد الانتخابات الرئاسية وإلى أي مدى؟. فرغم أنَّ المرشح الجمهوري "ميت رومني" يُكثر في الحديث عن تغيير مسار هذه السياسة في الشرق الأوسط- فهو ليس واضحًا بدرجة كافية أو حتى معقولة بشأن هذا التغيير والمدى الذي يمكن أنْ يبلغه إذا فاز بالرئاسة، مثلما لا يبدو الرئيس المرشح الديمقراطي "باراك أوباما" وافيًا في خطابه حول مدى الاستمرار أو التغيير في هذه السياسة حال فوزه بفترة ثانية. وأهم ما يُعنى به رومني هو نقد سياسة أوباما، واتهامه بالسلبية، والعجز عن حماية أصدقاء الولاياتالمتحدة ومواجهة أعدائها، وتوجيه رسالة تفيد تغيير المسار. لكنَّ المسار الجديد أو المختلف ليس واضحًا في خطابه الانتخابي العام، الذي يفيد ما يمكن استخلاصه منه أنَّه قد لا يحمل تغييرًا جوهريًّا أو تحولًا رئيسًا بشأن قضايا الشرق الأوسط. وربَّما يكون اتجاه رومني أقرب إلى ما يطالب به رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ولكن هذا يظل استنتاجًا لا يؤكِّده التزام صريح من جانب رومني. ورغم عدم وجود اختلاف جوهري في الاتجاهين السائدين في حملتي أوباما ورومني بشأن إسرائيل- يبدو خطاب المرشح الجمهوري أكثر حميمية حتى بعد أنْ كثَّف منافسه الديمقراطي مساعيه وجهود حملته لكسب وُدِّها والحصول على دعم أنصارها في الولاياتالمتحدة. فالمرشحان يتنافسان في تأكيد التزامهما بأمن إسرائيل وتعهدهما بحمايته، ولا يختلفان في خطابهما المعلن بشأن أهمية قيام دولة فلسطينية ديمقراطية، وربَّما لا يختلف خطاب رومني إلَّا في إشارات من وقت إلى آخر إلى زيادة المساعدات العسكرية لإسرائيل!. ولذلك ربَّما يكون التغيير الأساسي الذي يمكن أنْ يترتب على فوز رومني هو إعادة الدفء الذي افتقدته العَلَاقات الأمريكية الإسرائيلية نسبيًّا في ظل إدارة أوباما الأولى!. وبالنسبة لسوريا، فالاختلاف الوحيد الذي يمكن استخلاصه- حتى الآن- هو أنَّ رومني يتجه إلى موقف أكثر صرامةً ضد نظام الأسد، وأشد دعمًا للمعارضة. فهو يلتزم بأنْ تحصل هذه المعارضة على الأسلحة الكافية (استخدم مرة تعبير الأسلحة الثقيلة) لمواجهة دبابات الأسد ومروحياته ومقاتلاته، كما أشار بشكل عابر إلى مسألة إقامة المناطق الآمنة التي لايزال أوباما حَذِرًا بشأنها. ورغم أنَّ رومني يستطيع أنْ يجد في سياسة أوباما تجاه "الربيع العربي" أكثرَ من مدخلٍ لشنِّ حملة عليها تُشكِّك في قدرته على التعامل مع المتغيرات غير المتوقَّعة والتحولات المفاجئة- يبدو أنَّه يفضل عدم الخوض تفصيلًا في قضية لاتزال السيولة غالبة فيها، وعدم الالتزام بموقف قد يصبح عبئًا عليه في حال فوزه ووصوله إلى البيت الأبيض. ولذلك اكتفي- حتى الآن- بما يخص إسرائيل في هذا المجال، وهو العَلَاقات التي تربطها بمصر؛ فحرص على تأكيد أنَّه سيربط المعونة الأمريكية لمصر باحترامها لمعاهدة السلام، وسيضغط عليها لتدعيم العَلاقات مع إسرائيل، وزيادة التعاون بين البلدين. ولذلك تجد تل أبيب في موقف رومني- الأكثر حرصًا على تدعيم العَلَاقات، وزيادة مستوى التعاون بين مصر وإسرائيل- دافعًا إضافيًّا إلى تفضيل فوزه بعد أنْ سَرَى شيءٌ من البرودة في أوصال عَلَاقاتها مع واشنطن منذ أنْ دخل أوباما البيت الأبيض.