لم تعرف الأمة العربية في تاريخها الحديث قضية مست المصير القومي العربي، وارتبطت به صعوداً وهبوطاً، كالقضية الفلسطينية. فهي القضية التي حظيت ولا تزال بإجماع شعبي عربي غير محدود. ان فلسطين قضية تحرر وطني. فهي المفصل الواصل بين مشرق الوطن العربي ومغربه، وبالتالي بين شرق العالم وغربه من خلال موقع الوطن العربي وهي تحتل المكانة منذ القدم ضمن معادلة الأمن القومي العربي. هذا بالإضافة إلى البعد الروحي الذي اكتسبته من خلال وجود بيت المقدس فيها، مما جعلها جزءا راسخاً في وجدان وضمير المواطن العربي، وبالضمير البشري عموماً. فهي مهبط الرسالات، ومسرى الأنبياء، وبوابة الأرض إلى السماء، وما زال احتلال القدس وتحريرها من المحتل هو عنوان الهزيمة أو النصر بالنسبة للشعوب العربية على مر العصور. ان صياغة توجه سياسي وطني للهيئات والمنظمات الدولية من أجل حصول فلسطين على عضوية دولة غير عضو في الجمعية العامة للامم المتحدة وحصول فلسطين على عضوية في الهيئات الدولية كما حصل في اليونسكو، يؤكد على ضرورة دعم القيادة الفلسطينية على فرض الاجندة السياسية على المنظمات والهيئات الدولية لتقوم بدورها في وقف مسلسل التعديات والتجاوزات الصهيونية على الشرعية الدولية وقراراتها. كذلك إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية والهادفة إلى تفعيل مؤسساتها. ان تطبيق آليات اتفاق المصالحة هو مصلحة وطنية للجميع وللشعب الفلسطيني الذي انتظر وما زال وذلك بهدف اجراء الانتخابات المحلية المباشرة، واجراء الانتخابات التشريعية للمجلس الوطني والتشريعي، والانتخابات الرئاسية. ان الاختلاف في وجهات النظر مسألة طبيعية، خاصةً التعقيدات التي تمر بها قضيتنا الوطنية والتعددية الفكرية والسياسية في كل مراحل نضالنا الوطني من الطبيعي ان يكون هناك تعارضات في الرؤى والبرامج.ان المرحلة الراهنة تتطلب من الجميع ان يكون بمستوى المسؤولية الوطنية في ضوء ما تتعرض له القضية من خطر التصفية، تصبح المسؤولية التاريخية حماية الحقوق ودرء الخطر وهذا يضيق هوامش الخلاف بين الجميع في مواجهة الاستحقاقات على أساس المشروع الوطني الذي حدد الأهداف الوطنية لنضال لشعبنا في الحرية والاستقلال والعودة. ان ما يتطلع اليه شعبنا اليوم يتطلب ايضا من كافة القوى الوطنية والديمقراطية توحيد جهودها من اجل بلورة موقف واضح مؤمن بالشراكة الوطنية والنقد والمساءلة حول البرامج والسلوك، لتصبح جزءاً من حركة النضال الجماهيري. ان الاعترافات المتزايدة بحق الفلسطينيين بدولة مستقلة، يجب أن لا يوقعنا بوهم مريح بأن الدولة الفلسطينية باتت على الأبواب فالسياسة الأمريكية، تقاربت خلال الفترات الأخيرة بشكل كبير مع الموقف الإسرائيلي، وتماهت مع الرؤية التي أعلنتها حكومة الاحتلال العنصرية في مواقفها الاخيرة. إن هذا الحراك والتفاؤل باعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة وقبول فلسطين كعضو مراقب هام وايجابي، بل ويجب استثمار ما أُنجِز دوليا من اعترافات كان من بينها اعترافات دول القارة الأمريكية الجنوبية ودول أمريكا اللاتينية، وهو أمر يقتضي تمتين الجبهة الداخلية واستكمال عملية المصالحة وإعادة بناء البرنامج التوافقي الوطني الفلسطيني بين الجميع ليصبح الخطاب الفلسطيني موحداً أمام العالم، وخاصة ان مجرى المفاوضات بات يشكل عبئاً وطنيا على الشعب الفلسطيني ويلحق افدح الأذى بالحقوق والثوابت الوطنية، ورغم أن قرارات الشرعية الدولية المتصلة بالقضية الفلسطينية تمثل الحد الادنى والقاعدة القانونية للحقوق الوطنية الفلسطينية وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة وعاصمتها القدس.