ما زالت وزارة العمل عاجزة عن حلّ قضية توقف توريد العمالة الاندونيسية إلى المملكة، وخاصة العاملات المنزليات، رغم مرور حوالى العامين على توقفها على اثر حادثة عرضية لخادمة اندونيسية في المدينةالمنورة، وما زال الاعلام السعودي شريكاً كذلك في عدم تصوير الوضع الممتاز الذي تعيشه مئات الألوف من النساء الاندونيسيات اللواتي يعملن خادمات في بيوتنا نحن السعوديين. في ميزان العدالة فإن خادمة واحدة قد تتعرض للايذاء مقابل حوالى مليون ونصف المليون امرأة اندونيسية أخرى يعشن في راحة وفي تعامل انساني جيد، لا يمكن أن يكون مبرراً للتظاهرات التي قادها الاندونيسيون في بلادهم وخاصة المعارضة، وضغطوا من خلالها على صانع القرار الاندونيسي بإيقاف توريد العمالة إلى السعودية. نحن هنا في السعودية نحترم كل العمال (الرجال والنساء) الذين يعملون عندنا، من منطلق اخلاقنا الإسلامية، وعاداتنا وقيمنا العربية، ونعتبر من يعمل بين أيدينا ضيوفاً علينا، لا عمالاً ولا خدماً، ونقدم لهم كل التسهيلات والاجواء النفسية لكي يؤدوا اعمالهم في راحة تامة وسعادة، ولا نرضى بحدوث ظلم على أحدهم اطلاقاً، وإن حدث ذلك لحالات فردية قليلة جدا وسط المجموع الكثير، فإن ذلك منطقي وعقلي لا يجب ان يعمم على الجميع، فالاخطاء تحدث من الكفلاء وايضا من العمالة نفسها، وكم نشرت الصحف هنا (كثيراً من القضايا لا تصل الى الصحف) كم نشرت من قضايا جنائية قام بها عمال وعاملات يعملون في بلادنا من كل الجنسيات بمن فيهم الاندونيسيون، ولكننا كنا ولا زلنا ننظر لكل قضية على أنها مسألة قائمة لوحدها، ولم نعمم ذلك على كل ألوان الجنسية بكاملها. يجب على الاعلام الاندونيسي والسعودي، باعتبارهما الموجه للرأي العام أن يجهروا بالحقيقة، ولا شيء غير الحقيقة، من منطلق العدل والعدالة التي أمرنا بها الله تعالى، ومن منطلق المهنية واحترام الحقيقة وشرف المهنة، بحيث يجب أن يفهم الجميع أن كل أو معظم العمالة الاندونيسية وخاصة الخادمات يجدن في بلادنا أفضل معاملة من كفلائهن، ولقد وقفت شخصياً على صور كثيرة، كانت - للأمانة - نموذجاً إنسانياً يحتذى بين أسرة سعودية وخادمتهم الاندونيسية، فهم يعطونها كل حقوقها المالية، ويعاملونها بأدب واحترام، ويقدمون لها الهدايا والهبات المالية عند سفرها ويودعونها وداعاً مؤثراً في المطار عند مغادرتها. أحدهم وهو من قريتي جنوب السعودية ماتت خادمته في حادث مروري وهي في طريقها لأداء العمرة فيما أصيب الابناء والبنات المرافقون لها من السعوديين، وبعد موتها قام الكفيل بتحويل كل استحقاقاتها إلى أهلها، واقام لها العزاء في القرية، وذبح بقرة كبيرة صدقة عنها.. وفي قصة اخرى لمسؤولة في إدارة تعليم البنات بجدة عندما مرضت خادمتها ادخلتها أفضل مستشفى على حسابها وظلت تزورها وكأنها ابنتها حتى خرجت، وترفض أن يناديها ابناؤها بالخادمة بل باسم العمة، وغير ذلك قصص كثيرة لأسر سعودية كثيرة تحمي وتخاف على الخادمة بقدر حمايتهم لبناتهم. نأمل من الاعلام في كل السعودية واندونيسيا وكلانا بلد إسلامي شقيق للآخر ألاّ ندع حالات فردية نادرة جدا، أن تطغى على الواقع الصحيح الذي يجري بين الأسرة السعودية وخادمتهم الاندونيسية، وأن تكون نظرتنا للأمور منطقية وعقلانية وعادلة، فنحن بحاجة للخادمات الإندونيسيات أكثر من اي جنسية أخرى، والخادمات الاندونيسيات بحاجة للسوق السعودي الكبير والواسع، والذي استطاع فيما مضى ولسنوات طويلة ان يؤسس ويبني بيوتا كثيرة لاخواننا في اندونيسيا، من خلال ما تصدره العمالة الاندونيسية لبلادها من أموال هي بالأصل حقوق لهم ولكننا مع ذلك نحتسب فيها الأجر والثواب.