أسيرةٌ تتعذَبُ والطيرُ في وكناتِها تترقَبُ ماعادَتْ تُغَرِدُ لَحنَها فَرَحاً ولا مَعَ الأغصانِ تَلعَبُ والزهرُ خاصَمَ عِطرهُ والغصنُ طَلقَ أوراقَ الشجر والمِلحُ صارَ عنوانَ النهر والعشبُ ما عادَ مُخضراً وحقُولُ الحُبِ انبتتْ ألفَ وَجهٍ مُكفَهِر .. والريحُ خرساء كسيحة والأرضُ ما عادتْ فَسيحة والليلُ قاطَعَهُ السَهر حتى السماءُ خَلتْ لا نَجمَ فيها لامِعٌ لا ولا حَتى قَمر .. كُلِ الشفاهِ أطبَقتْ حُزناً فلا ضِحكَةٌ ولا بسمَةٌ ولا هَمسَةٌ مِنها تتسرَبُ لاو لا حَتى حرَوفُ التأفُفِ والضَجر .. وحدَهُ الدَمعُ أعلنَ العِصيانَ وانهَمر .. مُراً كماءِ البَحَرِ بل وأمَر .. وحَدَهُ القَلبُ عانَدَ النسيانَ وأبى إلا عَلى جَمرِ الفُراقِ يَتقَلَبُ .. جَمرَةٌ تَكويهِ عَلها تُنسيه فتفشَلُ فكُلُ السَعيرِ في قَلبِهِ لا يَعمَلُ مهما تَلظى واستعَر .. لاشيء في الأرض يقوى مُهجَتي لا جانٌ ولا سِحرٌ ولا نارٌ ولا حَتى بَشر أن يجتوي مِني هاتيكَ الصور أنا مُذْ رَحَلتِ دُنيتي وأخذتِ الشمسَ وتَغريدَ الطيورِ وأوراق الشجر وعِطرَ الزَهرِ وأوقاتِ المَطر ألا قاتلَ اللهُ السَفر ألا قاتلَ اللهُ السَفر أصلاني سَقر .. أنا من حينها ما عادَ عِندي غَيرُ هاتيكَ الصور وبَعضَ عِطرَكِ أقتاتُ مِنهُ وبَعضَ هَمسَكِ أشرَبُ وأنفاسي ضِحكَةٌ مَنكِ مازالَ صداها في مسمعي يترَددُ أنا من حينها وفوقَ روحيَّ تَخفِقُ راياتُ الخَطر .. يا ملاكَاً يُشبِهُها القَمر أحمد النجار