تحاول الحكومة الإسرائيلية التقليل من أهمية الرسالة التي وجهها وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان إلى اللجنة الرباعية الدولية، طالباً إجراء انتخابات لقيادة فلسطينية جديدة، أي بمعنى آخر إزاحة الرئيس محمود عباس، مبرراً ذلك بأن أبو مازن غير مهتم أو غير قادر على التوصل إلى اتفاق من شأنه إنهاء النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين. قد لا يكون كلام ليبرمان مهماً فعلاً، فهو وزير خارجية شكلي لم يستطع أن يبني لنفسه صورة رجل دولة ذي مصداقية، ولا يبدو أن قطبي الحكومة أي رئيسها بنيامين نتنياهو وإيهود باراك وزير الدفاع يسمحان له بالتعاطي مع الملفات الرئيسية، وأهمها المفاوضات مع الفلسطينيين والصراع مع إيران والعلاقات مع الولاياتالمتحدة. لكن رغم ذلك ينبغي التنبه إلى ما قال خصوصاً اتهامه الرئيس الفلسطيني بممارسة إرهابٍ دبلوماسي، والأهم قوله أن موقفه يلتقي مع تقييم الحكومة لسلوك عباس حيالها. لذلك ردت الرئاسة الفلسطينية بأن تصريحات ليبرمان تشي بالتحريض على القتل، فالفلسطينيون لم ينسوا أن الحملة على الرئيس الراحل ياسر عرفات بدأت باتهاماتٍ شبيهة رغم اختلاف الظروف. يُضاف إلى ذلك أن وثائق " ويكيليكس" كشفت أن نتنياهو نفسه كان حضّ اللوبي اليهودي على الضغط على الإدارة الأمريكية كي لا تتعامل مع محمود عباس، واعتبره أخطر على إسرائيل من حركة " حماس". لكن لماذا ينبري ليبرمان الآن للقول علناً ما تفكر فيه حكومة نتنياهو سراً ؟ الأمر واضح لأن عباس يستعد مرة أخرى لطلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وسيتوجه هذه المرة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وسيحصل على الاعتراف وإن بدرجةٍ أقل من الدولة، لكنها تمنح السلطة إمكانات أفضل للعمل الدولي. وهذا في حد ذاته سبب كافٍ للغضب الإسرائيلي بل الأمريكي أيضاً. لكن جمود المفاوضات بسبب استمرار الاستيطان، والعجز الدولي خصوصاً الأمريكي عن تحريكها، وضعا السلطة الفلسطينية أمام احتمالين: إما الانهيار أو التحرك لإبقاء القضية حية. وإذ اختارت التحرك، فقد حرصت على نيل غطاءٍ سياسي من الجامعة العربية.