لا يمكن وصف القطاع الخاص في السعودية بوصفٍ أكثر دقةٍ مما ذكره نائب رئيس التأمينات الإجتماعية حين ذكر أنّ مايقارب الثلثين من السعوديين المسجلين يعملون براتب أقل من 1500 ريال سعودي!!! هذا القطاع الخاص الجشع الذي يوفر ملايين الفرص للعمالة الأجنبية غير المؤهلة هو نفس القطاع الذي يطرد الشباب السعودي الأفضل تأهيلاً من الأجنبي في كثيرٍ من الحالات,وهذا القطاع هو الذي حول مفردة القطاع الخاص في مفهوم المواطن إلى مرادفٍ لكلمة حارس أمن أو معقّب!! ويجب أن يعترف الجميع أنّ الحل لمشكلة البطالة لن يكون إلاّ عن طريق ايقاف تغول القطاع الخاص وطغيانه وإعادته إلى الطريق الذي يجب أن يكون عليه كما هو الحال في جميع دول العالم, ففي كل مكانٍ في العالم يعتبر القطاع الخاص هو الرافد الأساسي الذي تأتي منه الفرص الوظيفية الكريمة,وهو المكان الذي يجب أن تتوفر فيه الشفافية والعدالة ولايمكن لذلك أن يحدث دون أن تكون هناك قوانين تشريعية رقابية صارمة توازن العلاقة الجائرة بطبيعتها بين صاحب رأس المال والموظف لديه,وبغض النظر عن محاولات التلميع ومهرجانات التوطين الوهمية فإنّ مساهمة القطاع الخاص في تنمية البلد وتوطين الوظائف ليست شيئاً يٌذكر, فعلى الرغم من المميزات الكبيرة التي يحظى بها هذا القطاع في السعودية من الحزم التمويلية والإعفاء الضريبي والتسهيلات الخدمية الكبرى خصوصاً بعد حكاية المستمثر الأجنبي التي أزعجنا أصحاب هيئة الإستثمار بترديدها ونسج الأحلام الخيالية حولها,على الرغم من كل ذلك ظل هذا القطاع ينظر للبلد وأبناءه نظرةً دونيةً لا يمكن تجاهلها,وظل يتهرب بكل الوسائل عن استحقاقات السعودة والتوطين ورد جزءٍ يسير من جميل هذا الوطن وأهله,وقد أزعجنا القطاع الخاص وبعض الحكوميين التنفيذيين ممن لهم مصالح وأملاك في القطاع الخاص بترديد حجتهم الفارغة عن عدم رغبة السعودي في العمل الخاص وعن عدم صبره عليه,وهذا كلامٌ فارغ ومردودٌ على أصحابه فجميع الشركات التي تشكل العمود الفقري للتنمية السعودية قائمةٌ على أبناء هذا الوطن مثل أرامكو وسابك وكهرباء السعودية والإتصالات وغيرها,ولكن أغلب القطاع الخاص الذي لم يقم بواجباته تجاه التوطين يخفي رأسه في الرمل لكي لا يرى هذه الحقائق والنجاحات المذهلة لأبناء هذا الوطن,فأغلب شركات القطاع الخاص التي تستنزف مواردنا وتمتص دماءنا تفضل الإعتماد على الأجني لأسبابٍ بعضها يعرفه الجميع وبعضها يعرفه الخاصة فقط,وحينما يكون على رأس الجهاز التنفيذي في إحدى شركات القطاع الخاص شخصٌ أجنبي وفي ظل عدم صرامة الأنظمة الرقابية ونجاح الواسطة والمعرفة في تخليص هذه المنشأة من العقاب في حال وجوده فإنّ ما يحدث هو التالي:تصبح الدائرة التنفيذية العليا بكاملها من نفس جنسية المدير وتتكون حلقاتٌ متداخلةٌ وتراتبية من هذه الجنسية تدير الأمور وتتصرف بها ومن ثم يتم توظيف المواطن السعودي في وظيفته العظيمة "حارس أمن" أو "معقب" هذا مايحدث,ويجب عدم المكابرة والنفاق في ذلك,فالمنشأة التي يرأسها شخصٌ لبناني تتحول إلى منشأةٍ لبنانيةٍ خالصة والتي يرأسها مصري تتحول إلى مصريةٍ والتي يرأسها أردني تتحول إلى أردنيةٍ وكذلك الهندي والباكستاني وغيرهم.وليس لدى المواطن تحفظٌ تجاه هؤلاء العمالة الأجنبية بشرط أن تكون مؤهلةً وليس في ابناء البلد مايماثلها في التأهيل,أما أن يأتي شخصٌ ما إلى السعودية ثم يجلب أبناء ضيعته وقريته كلهم للعمل على حساب الشباب السعودي فهذا ظلمٌ ونفاقٌ وفساد,فهذه العمالة الوافدة التي لا تتميز بالكفاءة والتأهيل إلاّ فيما ندر تتقاضى راتباً لا يحلم به البروفيسور السعودي رغم أنّ كثيراً منهم لا يحملون الشهادة الثانوية,وأنا بصفة عملي كمهندس في القطاع الخاص أعرف مئات الحالات ولدي مئات الأدلة والوثائق على ذلك ,فالشاب السعودي الجامعي يتقاضى أجراً أقل من نظيره اللبناني الذي يحمل الشهادة المتوسطة!! والمهندس السعودي يتقاضى أقل من نظيره الفلسطيني والأردني واللبناني ويحصل على مميزاتٍ يحصل عليها حملة الشهادة الإبتدائية من هذه الجنسيات!! وليس اللوم في فساد هذا القطاع عليه,فكل شخصٍ سيأتي بأقاربه وأبناء ضيعته متى ما كانت القوانين هشةً وغير ملزمة له,ولذلك فاللوم يقع على وزارة العمل وبقية الأجهزة الحكومية وعلى رجال الأعمال من فئة اللصوص التي تسرق خيرات هذا البلد ثم تتخلى عنه في أول أزمةٍ أو معضلة وكلنا نتذكر ماذا فعلت رؤوس الأموال وأصحابها في أيام حرب الخليج وإلى أين ذهبت وذهبوا!! ولذلك ينبغي على صنّاع القرار أن يتخلوا عن الدلال والمحاباة التي يعاملون بها قطاعنا الخاص وأن يعاملوه بالعدل الصارم هذا كل مانريد منهم إذا أرادوا تجنب كارثة البطالة بكل عواقبها الوخيمة. Twitter: @knfalamri facebook.com/knfalamr