هذا نمط من الأسئلة التنبؤية التي تصعب الإجابة عنها بدرجة عالية من التأكد، لكثرة المرشحين للرئاسة المصرية، والذين يبلغ عددهم ثلاثة عشر مرشحاً، وهو أكبر عدد لمرشحين في تاريخ مصر منذ أن عرفت نظامها الجمهوري، وهو ما يعني تفتّت وتشتّت الصوت المصري، ما يجعل من الصعب على أي مرشح في المرحلة الأولى أن يحسم المنافسة لحسابه، وإن كان هذا أمراً غير مستبعد في الحالة المصرية التي تتميز بحالة من الاستقطاب والاحتقان السياسي. هل مصر بحاجة إلى رئيس ثورة ؟ أو رئيس يؤسس لدولة عصرية تعوض ما فاتها من سنوات تدهور وتراجع في دورها ومكانتها الإقليمية والدولية ؟ ورئيس إذا جاز التعبير لديه رؤية نهضوية تنموية واقعية وليست شعاراتية ويستوعب كل الحالة المصرية، وليس رئيساً حالماً مثالياً يُحلِّق بشعبه بعيداً في سلم من التوقعات غير القابلة للتطبيق ؟ . ولعل من أبرز مظاهر الخصوصية التي على الرئيس المرشح أن يدركها: أن النظام القديم له جذوره، وليس كل من ينتمي إليه فاسداً، وهذا يستوجب من أي مرشح أن تكون لديه رؤية هادفة متكاملة بين القديم والحاضر والمستقبل، والقدرة على استيعاب كل إيجابيات الماضي لدعم الحاضر ، والخروج من عنق الزجاجة المصرية، على اعتبار أن النظام ليس مجرد نخبة حاكمة . والخاصية الثانية الحرص على تأكيد دور المؤسسة العسكرية بما يتوافق وتأسيس علاقة متوازنة بين العسكر والسياسة، أو الحالة المدنية المنشودة، فلا أحد يستطيع أن ينكر الدور الوطني والقومي بل والحضاري للمؤسسة العسكرية المصرية في مختلف مراحل الحياة السياسة المصرية، بل إن دورها القوي في حماية الثورة المصرية كان واضحاً في انحياز هذه المؤسسة إلى الشعب والثورة . والخاصية الثالثة، أنه لا يجوز احتكار السلطة السياسية بكل مكوناتها السلطوية والمجتمعية في المرحلة الانتقالية. والخاصية الرابعة أن مصر ليست مجرد رقم وعدد سكاني، مصر دور ومكانة وهوية وحضارة، وتاريخ وجغرافيا. فمصر من منظور اللغة العربية هويتها عربية، ومن المنظور الديني هويتها إسلامية، وتاريخياً هويتها مصرية فرعونية، وجغرافياً هويتها متوسطية إفريقية آسيوية ، ومصر بمفهومها الشامل هي التي وفرت التوافق والتلاقي بين كل هذه الهويات والتوازن بينها في إطار الهوية المصرية التوافقية، ولذلك فإن محاولة فرض هوية واستبدال هوية بأخرى سيقود وقد يدفع إلى صراع هويات لم تعهده مصر في كل تاريخها، وهذا هو التحدي الأكبر الذي قد يجهض الثورة المصرية. والخاصية الخامسة: الحالة الاقتصادية الصعبة، والمشكلات الاقتصادية الكبيرة التي ورثتها الثورة أو "النظام الجديد" من فساد ومديونية تفوق القدرات المتاحة، ونسب البطالة، والفجوة المعيشية، هذه الحالة الاقتصادية تحتاج إلى رؤية اقتصادية متكاملة بين الداخل والخارج. ويبقى السؤال: أي من المرشحين هو الأكثر توافقياً، ويصلح للخروج بمصر، أو على أقل تقدير وضعها على بدايات سُلّم الدولة العصرية المدنية؟ تبقى الكلمة الأخيرة للمواطن المصري الذي سيقرر من هو رئيس مصر القادم!.