النقد البناء الذي يُبتغى منه وجه الله وتصويب الأخطاء؛ إذا كان ضمن الأدب الحسن والخُلق الجم، فعلينا بالتفاعل معه والتعاطي والاستجابة، دون الترفع والتنكر والتكبر والعناد، وليس عيبا بأن يخطأ الكاتب في تصور أو طرح أو عبارة أو أسلوب، لكن العيب كل العيب والنقيصة أن يصر على ذلك ويستمر بأخطائه دون مراجعة أو محاسبة أو ترشيد واستجابة. لذا فمن أجل ترشيد الكتابة؛ ينبغي التناصح وتبادل الآراء، بعيدا عن اتهام النوايا ونبش الخفايا، والتحلي بآداب البحث والنقاش والحوار والمناظرة، وإبداء النصح سرا، وعدم التواني في ذلك، ثم التدرج والارتقاء بأسلوب البيان، وتوضيح الحق من الباطل بالحكمة والموعظة الحسنة، وإياك والمجاملة أو المداهنة على حساب دينك وعقيدتك وثوابتك ومبادئك. (وكان عليه الصلاة والسلام إذا بلغه عن الرجل شيء لم يقل: ما بال فلان يقول؟ ولكن يقول: ما بال أقوام يقولون كذا و كذا) وينبغي كذلك اختيار الوقت المناسب والحال والظرف، مع تجنب التأخير لقضايا مهمة ومواضيع جوهرية أساسية، لأن تأخير الواجب عن وقت الحاجة لا يجوز، والابتعاد عن التشهير والتسقيط إلا ضمن الضوابط الشرعية في التعامل مع المخالف، والتي ننصح الجميع بمراجعتها وفهمها وتدبرها. ومن باب الشيء بالشيء يذكر؛ إياك أخي الكاتب وأكذوبة "الرأي والرأي الآخر" على إطلاقها، فالكثير للأسف روجوا لذلك من أجل نشر الجهالات والضلالات والباطل والطعن في أساسيات الدين والمبادئ والأخلاق، وقسم كبير لعدم إتقانهم كتاباتهم وكثرة الأخطاء وعدم وجود العزيمة على نشر الصواب والحق والتراجع عن الباطل، تذرعوا بهذه المقولة، وكذلك حتى تنعدم النصيحة والنقد البناء تجد الذريعة جاهزة " الرأي والرأي الآخر"، فلا بأس بقبول الرأي الآخر إذا كان حقا وصدقا وفيه مصلحة، مع اختلاف في وجهة النظر والأسلوب والطريقة، من غير المساس بالثوابت والأصول وأساسيات الدين والأدب، فلينتبه لذلك. فهنالك خلاف سائغ مقبول، عندما تتكافأ الأدلة ويتعدد الفهم والاستنباط المقبول، فهنا ممكن القول رأي ورأي آخر، أما الخلاف المردود المذموم المخالف للبينات والأدلة الواضحات والبراهين الجليات والثوابت الساطعات، فيجب تنبه الجميع لهذه الحقيقة التي زلت فيها أقدام، وضلت فيها أفهام وعميت قلوب، نعوذ بالله من الحور بعد الكور.