لأننا تعودنا على الحكم قبل المداولة في قضايانا الاجتماعية وذلك من خلال التطوع بإصدار الاتهامات والإدانة على طريقة "شاهد ما شفش حاجة". في حين تبرز شمَّاعة المؤامرة المسبقة كذريعة جاهزة لبعض المسؤولين المباشرين عن موقع القضية ،كما حصل في جامعة الملك خالد بأبها ،صباح يوم الأربعاء الماضي، عندما تجمع عدد من طالبات كلية الآداب داخل حرم الكلية للمطالبة بتحسين مستوى النظافة والخدمة وهو المطلب الذي قال عدد منهن إنه سبق ان تم عرض الشكوى أكثر من مرة على المسؤولين في جامعة الملك خالد ولكن لم يتم معالجة الوضع. وهو ما أدى إلى احتجاجهن بشكل جماعي داخل الكلية للفت الأنظار إلى القضية كمحاولة أخيرة. ومع أنني لا أتفق مع الإجراء الأخير، لما له من تأثير على الانضباط في النظام الاجتماعي من ناحية .. وما يمكن أن يسببه من نتائج سلبية على سلامة الطالبات. غير أن الطريقة التي تمت بها معالجة احتجاج الطالبات كانت أسوأ من القضية التي دفعت بهن إلى أسلوب المطالبة في صورتها الأخيرة. وذلك من خلال دخول الجهات المختصة من رجال أمن وهيئة إلى حرم الجامعة، وهو ما أدى إلى الفوضى والذعر، حيث نتج عن الحادث إصابة أكثر من 53 طالبة، وذلك طبقاً للإحصاء الرسمي الذي صدر في نفس اليوم من صحة عسير، بعد أن تم توزيعهن على عدد من المستشفيات في المنطقة. لكن الغريب هو ما تحدث به البعض من مسؤولي الجامعة، حيث كانت بعض التصريحات تتهم طالبات الآداب بأن اللواتي قمن بالاحتجاج كان لهن ترتيب مسبق.. وأن هناك بعض أولياء أمور كان لهم دور في التحريض. والبعض الآخر قال : إن ما حصل يعكس عدم التربية المنزلية!! وذلك في محاولة لتسطيح القضية الأساسية للطالبات وحجم الضرر الذي نتج عن معالجة تجمهرهن داخل الحرم الجامعي.. ليبرز السؤال هنا في شقين: الأول: لماذا لم تتم الاستجابة لشكاوي الطالبات قبل احتجاجهن بهذه الطريقة. والثاني: لماذا لم تكن معالجة الجامعة من الداخل بطريقة أفضل من استدعاء الجهات المختصة، بعيداً عن أسلوب الاستفزاز الإداري الذي واجهته الطالبات؟ وأمام نتيجة مشهد قضية بنات كلية الآداب بأبها، فإنني أثق تماماً أن ما حصل لن يتوقف عند الاتهام العجيب للطالبات بقلة الأدب.. ولكنه سيجد اهتماماً بالغاً من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير ومعالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري، وذلك من خلال ملف قضية هامة بكل تفاصيلها وتداعياتها، ومن ثم محاسبة كل المتسببين والمتسببات، ابتداءً من الورقة الأولى حتى مأساة النهاية المؤلمة.