هذه الديمقراطية تتعارض مع أهم مبادئ الديمقراطية فهي تعمل أولاً على الوصاية على الشعب حيث إن الساسة ليس لهم ثقة بقدرة الشعب في حكم نفسه بنفسه وهذا ما عبر عنه "جيمس ميل" بقوله: يصعب تحميل هذه الطبقة من الجهلة، عديمي المسؤولية، والعاجزين عن تطوير أنفسهم فكرياً، مهمة الحكم المباشر، واعتبر أيضا أن الحكم المباشر للشعب سيخلق نوعاً من الفوضى السياسية التي ستعرقل تقدم المجتمع ولذلك فإن الأفضل يتمثل في أن يختار الشعب من يحكمهم وهذا ما يعتبر حسب رأينا معارضاً للديمقراطية الحقيقة إذ إن الفرق شاسع بين حق الحكم والحق في اختيار الحاكم ثانياً نلاحظ أن الديمقراطية الغربية قد تحولت من حكم الأغلبية الى استبداد الأغلبية فرغم ادعاء الأنظمة الغربية على عدم التمييز على أساس الجنس أو الدين وعدم الانتقاص من حقوق الأقليات فإن الواقع مخالف لهذه الشعارات التي طالما بهرنا بها والأمثلة هنا متعددة ففي أسبانيا مثلاً يمنع الدستور على غير الكاثوليك من الانتخاب هذا بالإضافة الى ما يعانيه سكان إقليم الباسك من تهميش حيث يمنع عليهم حق الاجتماع و" حق تقرير المصير" . و في انجلترا مازالت بعض الوظائف محصورة في أتباع الكنيسة الانجليزية من ذلك رئيس القضاة وعمداء الكليات. و في النرويج يجب أن يكون الملك ونصف الوزراء من البروتستانت. و في الولاياتالمتحدةالأمريكية هذه التي تحاول أن تظهر في جلباب الدولة الطاهرة الراعية لحقوق الإنسان السياسية والاجتماعية يمنع القانون تكوين أحزاب ذات مرجعية شيوعية و الدارس للتاريخ الأمريكي سيلاحظ مدى القمع الذي عاشه الشيوعيون في أمريكا حيث يعمل دوماً على شيطنتهم من ذلك مثلا اتهامهم باغتيال جون كيندي. هكذا فإنه بإمكاننا الإقرار بزيف الديمقراطية الغربية المكرس لطغيان الأغلبية على الأقليات العرقية والدينية ثالثاً هذه الديمقراطية هي ديمقراطية لا أخلاقية فباسمها مات الملايين ودمرت دول واحتلت أخرى فهل نسينا الصومال والفيتنام والشيشان والعراق ؟؟؟ (ما شاء الله قائمة واسعة) وهل عرف التاريخ الإنساني غير الديمقراطي مثل ما نعيشه اليوم باسم الحرية من تقاتل و تطاحن ؟؟؟ . هذا بالإضافة الى الدور الذي يلعبه المال في هذه الديمقراطية الغربية فرجال السياسة الغربيون معروفون بعلاقاتهم المشبوهة مع الشركات الكبرى رغم أن القانون الأمريكي يحظر على الشركات دفع الأموال لمساندة الحملات الانتخابية فإن الواقع يبرز لنا الدعم اللوجسيتي الكبير الذي يحظى به مرشحو الأحزاب في الانتخابات الرئاسية . لقد أصبح في ظل الحكم الديمقراطي كل شيء مباحاً وممكن شراؤه من مناصب سياسية وقرارات من اجل دعم خزائن الشركات الرأسمالية التي تفتك طعام الشعوب الفقيرة وهذا ما أبرزه جريج بالاست في كتابه " أفضل ديمقراطية يستطيع المال شراءها " الذي ابرز فيه بالوقائع والأرقام فساد النظام الديمقراطي الأمريكي ووحشية الأساليب السياسية التي انتهجها الاقتصاد العالمي بقيادة الدول الصناعية الكبرى التي تدعي دوماً أنها حاملة للواء حقوق الإنسان والضامنة للحريات . أخيراً و رغم فشل النموذج الديمقراطي الغربي فإنه يسعى الى تعميمه إما بالقوة وإما بالتنظير فها هو فرنسيس فوكوياما الذي يقر بنهاية التاريخ يرى في النظام الليبرالي الغربي وخاصة الأمريكي الشكل الأخير لتطور المجتمع ويدعو بقية مجتمعات العالم الى اللحاق بقافلة التاريخ من خلال اعتماد النظام اللبرالي في الاقتصاد واعتناق الديمقراطية الغربية كمذهب. و نحن لن نعارض فكرة نهاية التاريخ وسنقبل بها و لو جدلاً لكن سعي هذا المنظر الى خلق نموذج اجتماعي واحد ألا يتعارض من حيث المبدأ مع الديمقراطية التي تقتضى التعدد وقبوله. هكذا نقر أن الديمقراطية الغربية في جميع مراحلها التاريخية أفقدت مفهوم الديمقراطية من مضمونه الاجتماعي وجعلت منه لتعميم سيطرة الطبقات المالكة للسيطرة على العالم.