** السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط ليست وليدة الساعة، ولا هي تلك الصورة المقيتة التي برزت في اوج صورها في عهد الرئيس الامريكي الثالث والاربعين للولايات المتحدة «جورج دبيلو بوش» أو ما يعرف ب «بوش الابن» والذي حكم فترتين رئاسيتين (من 2001 - 2009) وقاد ما عرف ب «حربين على الارهاب» في افغانستان والعراق وتعرضت بلاده الى اعنف هجوم في تاريخ ذلك البلد المتمدد على مساحة 9.8 مليون كم2 وبسكان يزيدون عن 310 ملايين نسمة وهم خليط من شعوب الأرض، جاءوا على انقاض أهلها الأصليين «الهنود الحمر» الذين لقوا ماسأة مازالت عاراً على جبين امريكا الحاضرة الآن وفي تفاصيلها ما يندي له جبين البشرية من أبشع صور الاستعباد والذل والتشريد والقتل. ** وعربدة أمريكا لم تكن فقط من خلال قصف المدنيين الآمنين العزل بالقنابل النووية - كأول عمل كارثي قياسي - لم يقم بمثله أحد في العالم حتى الآن عندما ألقت المقاتلات الامريكية قنابل ذرية خلال الحرب العالمية الثانية فوق مدينتي هيروشيما ونجازاكي اليابانيتين، حتى دون تحذير مسبق للسكان وذلك عام 1945 والتي اسمتها ربما على سبيل التهكم «الولد الصغير» على هيروشيما، فيما كان اسم القنبلة على نجازاكي «الرجل البدين» وكان عدد الضحايا كارثياً بكل معنى الكلمة «220.000» شخص ثم كانت العربدة الامريكية فوق ارض فيتنام الشمالية وما نجم عنها من ضحايا قيل إنهم بالملايين. **ثم كانت الحرب الامريكية غير المتوازنة على بيوت الصفيح في افغانستان وبأحدث الأسلحة التكنولوجية ثم حربها المدمرة للعراق الشقيق وتدخلاتها في الصومال والبوسنة والشيشان وصربيا... الخ. ولكن كارثة الكوارث هي انحيازها إلى إسرائيل على حساب الحق الفلسطيني المهدور بدم بارد امام العالم كله، وما يمكن أن نقول عنه إنه «الهولوكست الفلسطيني» منذ أكثر من نصف قرن من الزمان، فما الذي فعلته أمريكا التي تدعي الحرية والديموقراطية والعادلة للشعب الفلسطيني منذ الرئيس تورومان حتى الرئيس الحالي أوباما (1945 - 2012)؟ ** الغريب أن اطوار البشر - كبشر - تمر بمرحلة «المراهقة» ثم بالشباب ثم بالرجولة ثم الكهولة، لكن اللافت أن المراهقة الامريكية اضحت «مزمنة»في وقت كان ينتظر العالم من أكبر قوة على الأرض،أن تكون عامرة بكل أمارات النضج الذي يجعلها نموذجاً للعدالة، ونصيراً للمظلومين ورادعاً لكل الأشرار. ** لا نريد أن تنطبع في الذاكرة الجمعية لشعوب العالم أن أمريكا هي الامبراطورية المتسمة بالجبروت واعتساف الحقوق، بحيث لو أرادت أن تبدل «جلدها» فإنها ستكون شيئاً آخر غير «أمريكا التي عهدناها».