في حديث صريح مع زميل مسيحي علماني أبدى لي خوفه ورعبه مما يجري في العالم الإسلامي فقلت : " ممَ أنت خائف؟" فقال : " من هذه التنظيمات الإسلامية التي تظهر بقوة على الساحة العربية وتتزايد قوتها مع وجود الديمقراطية حيث اكتسحوا كل الانتخابات وشكلوا الأغلبية في صناديق الاقتراع ويبدو أنهم سيكونون في المستقبل هم الحكام لهذه الدول. "فسألته" وأنت ماذا يقلقك من ذلك ؟. قال : " تخيل هؤلاء وقد جاءوا للحكم ليطبقوا علينا الحجاب ومنع الخمور والحياة الاجتماعية المنفتحة و....الخ...الخ". ضحكت وسألته: " وهل أغلبية السكان في هذه الدول هم من العسكر ؟ قال: لا .. قلت : " فمن هم الاغلبية " فسكت. قلت: " الأغلبية مسلمون لاشك سواءً أكانوا عسكرا أم علمانيين أو تحريريين أو تقدميين أو .. الخ، أليس من حق هؤلاء الأغلبية أن تحكم نفسها في ظل الديمقراطية وأن صناديق الاقتراع هي المرجع "، أجاب: "نعم"، قلت : " إذاً فلم الخوف من أناس جاء الوقت ليمارسوا حقهم " قال: " إن ما سيطبقوه هو الذي يخيفني" ، قلت: " هل هم محكومون بدستور البلاد أم سيأتون بدستور من عندهم؟ ،قال : " بل محكومون بدستور البلاد ولكن هذا الدستور يمكن أن يتغير ، قلت: " وهل تغيير الدستور يأتي خبط عشواء ؟.. أم هناك نظام يحكم ذلك وفي النهاية سيكون هناك تصويت على بنود الدستور المراد تغييرها أو إضافتها" قال: لا بالطبع هناك نظام فعال ولكن نحن المسحيين أقلية ولا نستطيع أن نفرض على الدستور مانريد قلت: " صحيح ولكن لقد عشتم مع هؤلاء المسلمين وتحت ظل الإسلام قروناً وقروناً فلا تكونوا أغبياء يلعب أصحاب المؤامرات بعقولكم لتهدموا بلادكم وتتفرقوا عن مواطنيكم لأن ما يفعلوه معكم سراب لايكون حقيقة إلا إذا تدافعتم ضد الآخرين وطالبتم بما لا يحق لكم من خلال نظام غير ديمقراطي .إن المسملين والمسيحيين واليهود عاشوا ولا يزالون منذ مئات السنين ولم يفترق المسلمون والمسيحيون عن اليهود إلى عندما قام متطرفو اليهود بإقامة وطن لهم ناسين أن هذا الوطن هو قسمة بين كل هؤلاء فوقع الكره والحرب والصراع الذي نراه". إن التنظيمات الإسلامية إذا جاءت واستطاعت أن تنشر العدالة بين جميع ابناء الشعب وتحسن الاقتصاد وتعطي للجميع فرصاً متساوية وتدفع الوطن للعز والكرامة من خلال العلم والعطاء فأهلاً بهم وأتمنى أن ينجحوا أما اذا جاءوا ولم يستطيعوا عمل ذلك فبعد أربع سنوات ستكون هناك انتخابات اخرى ولاشك أن الناس سيختارون غيرهم. إن التنظيمات الإسلامية التي استطاعت ان تجيش الناس لاعطائهم أصواتهم إن لم يقدموا للناس ما يتوقعونه منهم سيجدون صعوبة في المرة القادمة لأخذ الاصوات فالإنسان بفطرته يدعم من ساعده ويهتم بأمره ويصدقه ولا يكذبه ويقدم له العلاج عندما يمرض وتقدم العلم لابنائه ويساوي بين جميع طبقاته ويقيم العدل عندما يطلب منه هؤلاء هم الأغلبية وهم الشعب وهم الذين يجعلون من يحكمهم سواء التنظيمات الإسلامية أو العلمانية.لقد جربنا حكم العسكر سواء الذين تضامنوا مع البعث أو تضامنوا مع الاشتراكية وجربنا حكم من ليس له اسم وحكم من يحكم بأهوائه وغير ذلك، وقد جاء الوقت لنجرب هؤلاء وتحت مظلة الديمقراطية الان التي تعطينا الحق في المستقبل لتغيرهم إذا لم يحققوا لنا ما نتطلع اليه! دعني أقول لك وأنا جد متيقن انه لا داعي للخوف واعتقد أن التجربة ستكون شيقة وأتمنى أن يحقق هؤلاء لأوطانهم ما نؤمل فيهم ,ألا يكونوا "بعبعاً" يخوف الناس من الإسلام بإظهاره كدين متطرف يحرم كل شيء في حين ان حقيقة الإسلام هو أنه يحل كل شيء عدا ماورد فيه نص بالتحريم وهو أقل القليل لما في ذلك من مصلحة الخلق فلا شك أنه لا يوجد اليوم على الارض من لا يقر بضرر الخمر والزنا والقتل والسرقة والاعتداء على الحقوق فإن جاء في تشريع المسيحية أن الخمر حلال لهم أن يتعاطوه فذلك حقهم علماً أنني أعرف الكثير من المسيحيين الذين لا يتعاطون الخمر لأنهم يعلمون ضرره. ثم سألني ما هو البعبع؟ قلت عندما كنا صغاراً ولم تكن الكهرباء قد انتشرت في البيوت والمصابيح لا تستطيع أن تضيء الأماكن بوضح كان أهلنا يخافون علينا من الاماكن المظلمة فيخترعون لنا أسماء تعطي في نفس الطفل انطباع الخوف والحذر الشديد " وبالطبع هذا خطأ كان في المدن ولم يكن لدى أهل البادية من القبائل" فمثلاً يتكلمون عن هول الليل والدجيرة والهمي وأمنا الغولة والبعبع وغيرها من الأسماء لأشياء وهمية لا وجود لها إلا في عقولنا التي يريد أن يسيطر عليها غيرنا لنسير بأمره وتحت رعايته فيأخذ منا ما يريد وأعطينا ما زهد فيه فنكون أمة كسقط المتاع لا قيمة لنا ولا رأي وبالتالي لا عز لنا ولا كرامة ولا سؤدد فهل هذا ما يريده المسيحيون؟. ثم دعني أسألك هل المسيحيون الذين يعيشون في بلاد العرب قد جاءوا من الفضاء أم أنهم من أصحاب الأرض وكذا المسلمون هم من أصحاب الأرض هؤلاء بقوا على ماكانو عليه أما غيرهم فقد بدل ما اعتقد أنه احب اليه قد اختاروا بطوع إرادتهم فالإسلام لم يفرض بالقوة والذين فتحوا مصر عشرة آلاف لا يزيدون ومسلمو مصر كانوا أقباطاً وغير ذلك دخلوا في الإسلام إذا فهذه أرض الجميع تحكمها كما يريد الجميع اليوم بما يسمى الديمقراطية. فلا تخاف فلا بعبع ولا غولة ولا دجيرة سيأتون مع حكم الإسلاميين فهذه اشياء وأوهام لا وجود لها إلا في العقول الضعيفة التي يحاول أن يفرض وجودها المتسلطون الذين فشلوا في البقاء بقوتهم الذاتية فكان أن قرروا ضرب الناس بعضهم ببعض ليخربوها يوقفوا على تلتها ويدعون العظمة من فوق اشلاء الشعوب ومقدراتهم، أسأل الله أن يجعل حكامنا خيارنا ولايسلط علينا من لا يخاف الله فينا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.