بعد جولة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان التي بدأت من مصر يرى المتابعون للأحداث أن تركيا تحاول المنافسة على الدور الإقليمي، في حين أكد آخرون أن رحلة أردوغان جزء من محاولته لتعزيز موطئ قدمه في العالم العربي، بعد أن أبعدت تركيا عن العرب لفترة طويلة. وبالمقابل فقد أوضح أرشاد هرمز كبير مستشاري الرئيس التركي أن تركيا لم تدر وجهها من الغرب إلى الشرق، بل صححت فقط هذا المسار فهي لا تزال في عضويتها الفاعلة في العديد من المنظمات العالمية، وتسعى للانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي، لكنها وفي الوقت نفسه أصبحت مراقبًا في الجامعة العربية، ولديها تعاون إستراتيجي مع مجلس التعاون الخليجي، ولخص هرمز هذه الفلسفة بأن تركيا أصبحت دولة تطير بأجنحة متعددة وليس لمنطقة على حساب الأخرى. وفيما تمضي تركيا أردوغان في تأدية الواجب الداخلي فإنها تحلق بسياستها الخارجية الفاعلة من منطقة إلى منطقة، ومن دولة إلى أخرى بقدرة هائلة على المناورة، في محاولة لتوجيه التطورات الجارية في المنطقة إلى منحى إيجابي لصالحها، وذلك عن طريق قاعدة تصفير المشكلات أو (زيرو أزمة)، إلا أن هذه القاعدة فشلت مع إيران حينما وافقت تركيا على نصب الدرع الصاروخي الأطلسي على أراضيها. ولكن تركيا تدرك أن لكل دولة في المنطقة ظروفها وشروطها، وتدرك أيضاً أن مصر -بوجه خاص- يمكن أن تكون مصدر إلهام للتقدم في المنطقة فسارعت إليها. من جانب آخر، يؤكد الخبراء السياسيون أن تركيا -وفي سياق مخاض صعب مرت به خلال عقودها الأخيرة-، تحاول استعادة تركيبتها، وتستعيد معها بعض ما انقطع مع العالم العربي، وهذا ما سيجعل من تركيا وأردوغان مهندسي هذا الفصل الجديد في تاريخ الشرق الأوسط.