التفاصيل الصغيرة هي التي تبني الأحداث الكبيرة وتجعل من الحياة عبارة عن صورة مكبرة واضحة و منظمة دون تعقيدات . دائما البحث عن القضايا الرنانة والحديث عنها بإسهاب يزيد الأمر سوءا عندما نتجاوز الحد الذي تحتمله هذه القضية كما هو الحال مع الخطوط السعودية التي سرقنا الحديث عنها من أشياء أهم . من التفاصيل البسيطة و التي لفتت انتباهي خلال الأيام الماضية سأختار لكم ( خبر ومشهد ) ربما من خلالهما نستطيع الموازنة بين الكثير من الأحداث التي لا نوليها اهتمام . الخبر يقول : الخارجية البريطانية استدعت المحققين لكشف ملابسة اختفاء علبة علكة من مبنى الوزارة .. قد يستغرب البعض من هذا الخبر الذي ربما نراه ساذجا ، وقد يراه آخرون مسليا يزيل الملل . ولكن المتأمل في التفاصيل يشعر ببعض الخوف من حالنا بافتراض أن هذا الخبر صحيح لا مجال للتشكيك فيه . ليس الهدف سرقة العلكة بل ما سيحدث لو تم التهاون مع هذا اللص الذي سولت له نفسه السرقة . والأمر الرهيب الذي علينا الوقوف أمامه الكيفية التي استطاع من خلالها المسؤول عن هذه العلكة معرفة اختفاءها من بين الكثير من الأشياء الأكثر أهمية . إذن هناك عمل وتدقيق ومحاسبة وعدم تهاون .. فعندما تتساوى في نظر المسؤول العلكة والمليارات نستطيع حينها أن نمد أقدامنا ونريح قلوبنا .. أما المشهد فقد بثته وكالات الأخبار الأمريكية لحالة استنفار أمني على أحد الطرقات السريعة عندما تجاوزت إوزة وفراخها حاجز السلامة .. توقف الجميع خوفا على أرواح هذه الكائنات لأن الذي يستشعر مثل هذه التفاصيل سينظر لما هو أبعد بينما قامت الدوريات الأمنية بحمايتها حتى وصلت لبحيرة مجاورة . هنا أيضا تفاصيل دقيقة ولكنها مفعمة بالحياة الصادقة بينما الكثير من الأرواح البشرية تهدر بلا ذنب وبلا مسؤولية لتبث لنا كل صباح طازجة مع ألف تحية لإنسانيتنا التي خرجت ذات يوم ولم تعد ! [email protected]