في ندوة حوار العرب الذي ترعاه مؤسسة الفكر العربي تابعت الحلقة التي أذيعت مؤخراً والتي ناقشت دور الإعلام العربي ومواقع التواصل الاجتماعي في الثورات العربية . وقد اختلف ضيوف الندوة حول الممارسة ومدى مشروعية ما اسمته إحدى ضيوف البرنامج بالزواج بين الإعلام التقليدي وإعلام التواصل الاجتماعي. واتفقوا على واقع الأخير وحجم التحديات غير أن أخطر ما جاء في الندوة هو أن أحدهم قال:إن للإعلام التقليدي أجندة ينطلق منها. وهنا يمكن القول:إن الموضوع شائك ويطول فيه الحديث عن هذه القضية، حيث توزعت وسائل الإعلام الحكومي والإعلام الحر مشاعر الناس.. الأول لابد أن يقف إما في خندق الشرعية أو نقل الحدث دون تدخل في التفاصيل بالتحليلات السياسية أو طرح وجهة نظر تقفز من فوق الرأي الرسمي للدولة بل يقف في جبهة الدفاع ومصادرة ما يحدث أو تجييره لعناصر خارج منظومة الدولة كما حصل في مصر عندما استخدمت قضية الاخوان المسلمين وكذلك الأمر في سوريا.. والقاعدة في ليبيا وفي اليمن، وفي الجانب الثاني وهو الإعلام الحر فقد انقسم هو الآخر على نفسه ما بين من يتعامل مع الحدث المجرد والتحليل "المتزن" الذي لا ينحاز لطرف دون آخر وهو الذي يحظى باحترام المتلقي كما هو الحال بالنسبة لقناة العربية، في حين تختلف ممارسة وسائل إعلامية مماثلة، حيث تتبنى الأخيرة وجهة نظر "الإدانة" والتحريض في مشهد القضية كما هو الحال بالنسبة لقناة الجزيرة. وهنا نبرز مسؤولية الإعلام التقليدي في شقيه الرسمي والحر. فمن الطبيعي أن يخضع الإعلام الرسمي لوجهة النظر السياسية طالما بقيت حكومة المصدر في السلطة. وذلك لكونها جزءاً من المنظومة السياسية وجزءاً من سلاح المواجهة.. حتى وإن كانت هذه المواجهة ضد الحقيقة ومصادرتها. وضد قناعات العاملين في هذه الوسائل. غير أن الممارسة التي تتحول من التعامل النزيه والمسؤول الذي تفرضه أخلاقيات المهنة إلى دور تحريضي في بعض القنوات الحرة التي تخضع لتأثيرات سياسية تحت مصطلح تجاري مدعوم. تتعمد أن تلعب دوراً خارج مهمة الإعلام. وفي المقابل نجد أن الاختلاف سيظل وارداً حول هوية "الأجندة" للإعلام العربي التقليدي الحر تحديداً .. لنجد تباعداً واضحاً قد حصل ويحصل من خلال التعامل مع الثورات العربية. خاصة عندما يكون جزءاً من المعارضة ومحرضاً يتبنى خطاباً تفرضه أجندة أبعد من خطاب المعارضة نفسها. على أن وسائل التواصل الاجتماعي وإن فرضت نفسها على الإعلام التقليدي وعلى المجتمع والتي كانت جزءاً من ندوة حوار العرب لا تحظى بالتأثير الذي يمكن أن يتجاوز حجم الإعلام التقليدي ونسبة المشاهدة لشريحة أكبر على المستوى العالمي. وأمام هذه الإشكالية فإنني لا اعتقد أن العرب قادرون على تنفيذ ميثاق الشرف الإعلامي الذي كان وزراء الإعلام طرحوه في جامعة الدول العربية منذ عدة سنوات، وذلك أمام مرحلة مختلفة في عالم متغير وإعلام عربي خاض التجربة بالمزايدة على أنقاض الخلافات العربية العربية الداخلية منها والخارجية.. وسلاح المال!!