الشيشة (المعسل أو النرجيلة) عادة قديمة بين شعوب آسيا والشرق الأوسط، ولكنها مؤخرا بدأت تنتشر بشكل كبير حتى في الدول الغربية التي بدأت تعاني من آثارها الصحية. والانتشار الحديث الواسع لتدخين الشيشة ظهر في أوساط الشباب والفتيات لاعتقادهم الخاطئ بأن الشيشة أقل ضررا من التدخين وأن مرور الدخان على الماء يخلصه من الكثير من السموم. وفي هذا المقال سنحاول التعرض للأبحاث العلمية التي تعرضت للآثار الصحية لتدخين الشيشة. وقبل ذلك سنستعرض نبذة تاريخية عن الشيشة حيث تشير بعض المصادر إلى أن الشيشة ظهرت أولاً في شمال غرب الهند بعد وصول التبغ إلى تلك المنطقة. حيث طور طبيب يعرف بحكيم أبي الفتح الجيلاني وكان يعمل في البلاط السلطاني نظاما لمرور الدخان على إناء من الماء لتنقيته وتبريده حوالي العام 1588م. وأصبح تدخين الشيشة في ذلك الوقت عادة النخب الحاكمة في شمال الهند. وانتشرت الظاهرة بعد ذلك غربا واصبحت عادة متأصلة في تركيا وبعض الدول العربية ومنها انتقلت إلى الغرب مع الهجرات العربية إلى أوروبا وأمريكا. ومن المؤسف أن تدخين الشيشة انتشر مؤخرا بين الشباب والفتيات في المملكة بشكل كبير. فقد أظهرت دراسة حديثة Ann Saudi Med. 2010)) قام بها باحثون من جامعة الملك فيصل بالدمام على طلاب الكليات الصحية أن حوالي 13% من الطلاب يدخنون الشيشة، وقد بدأ 64% منهم التدخين في سن 16-18 سنة. وتشير الأبحاث المنشورة من دول الشرق الأوسط إلى أن نسبة تدخين الشيشة بين الشباب والمراهقين تتراوح بين 6-34% فيما بلغت النسبة 5-17% بين المراهقين في أمريكا (2011 Addict Behav.). ويعود سبب كثرة انتشار هذه العادة بين الشباب كما ذكرنا أعلاه إلى اعتقاد الشباب أن تدخين الشيشة أكثر أمانا من تدخين السيجارة وبسبب وجود نكهات مختلفة تحسن مذاق الدخان وكذلك انتشار المقاهي التي تهيئ جلسات مريحة وخدمات للشباب كما أنها أصبحت ملازما رئيسيا للشباب وبعض الفتيات خلال اجتماعاتهم الترفيهية والاجتماعية. كثيراً من الذين يدخنون الشيشة يدمنون تدخين السجائر فيما بعد الابحاث الحديثة التي درست علاقة تدخين الشيشة بالصحة أظهرت أن تدخين الشيشة في أحسن الأحوال لا يقل ضررا عن تدخين السجائر. وسنستعرض هنا بعض هذه الأبحاث. ففي دراسة قام بها باحثون في الجامعة الأمريكية في بيروت (2010 Atmos Environ.)، أن تدخين دورة واحدة من الشيشة يطلق ما معدله أربعة اضعاف المادة المسرطنة (PAH)، واربعة أضعاف الألدهايد الطيار وثلاثين ضعف أول أكسيد الكربون ما تطلقه سيجارة واحدة. كما أظهرت الدراسة أن تدخين ساعة من كاملة من الشيشة يطلق في الجو المحيط من المواد المسرطنة والسامة ما تطلقه 10-20 سيجارة. أي أن تأثير التدخين السلبي الناتج عن تدخين الشيشة قد يفوق في خطره تدخين السجائر. و دعا الباحثون إلى منع تدخين الشيشة في الأماكن العامة أسوة بالسجائر. كما أظهر بحث نشر هذا العام في مجلة الصدر (المجلة الرسمية لكلية الصدر الأمريكية) (Chest 2011) على عينة من المتطوعين الرجال والنساء أن تدخين الشيشة نتج عنه زيادة مباشرة في ضغط الدم وسرعة التنفس. وقد أظهر بحث آخر أن النساء أكثر عرضة لآثار التدخين الضارة مقارنة بالرجال. وقد أظهرت تدقيق علمي منهجي نشر حديثا (. Int J Epidemiol . 2010 ) أن تدخين الشيشة زاد بنسبة مهمة احتمال الإصابة بسرطان الرئة وأمراض الرئة الانسدادية المزمنة ونقص وزن حديثي الولادة وأمراض اللثة. وتوصل الباحثون خلال بحث جديد نشر هذا العام في مجلة الصدر (المجلة الرسمية لكلية الصدر الأمريكية) (Chest 2011) قاموا خلاله بعمل مراجعة علمية منهجية لكل الأبحاث التي درست تأثير الشيشة في كل دول العالم، توصل الباحثون إلى أن تأثير الشيشة على الصحة لا يقل بأي حال عن تأثير دخان السجائر وأن يسبب كل مضاعفات تدخين السجائر. ويعتمد التأثير الصحي للشيشة على طول دورة التدخين والتي قد تترواح بين 20-80 دقيقة وقد تطول عن ذلك وعدد مرات الشفط في الدورة الواحدة وعمق الشفط حيث تتراوح عدد مرات الشفط من 50-200 شفطة بعمق نصف ليتر إلى ليتر من الهواء. كما تظهر الأبحاث إلى أن كثيرا من الذين يدخنون الشيشة يدمنون تدخين السجائر فيما بعد. لذلك يمكن القول بأن تدخين الشيشة أصبح مشكلة صحية كبيرة بين الشباب وان مضاعفات تدخين الشيشة لا تقل بأي حال عن تدخين السجائر حيث تسبب الإدمان وتزيد من احتمالات الإصابة بالسرطان وأمراض الرئة الانسدادية المزمنة وامراض الأوعية الدموية وأمراض اللثة وأورام الفم والمريء. كما أن تأثيرها في البيئة المحيطة أو ما يعرف بالتدخين السلبي لا يقل خطورة عن تدخين السجائر.