هذا جزء من رائعة الشاعر الكبير عبدالله البردوني رحمه الله التي كان يعارض بها قصيدة أبي تمام الطائي التي مطلعها: السيف أصدق إنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب . لنقرأ ما كتبه الشاعر الكبير في تلك القصيدة؟ ماذا أحدث عن صنعاء يا أبتي=مليحة عاشقاها: السل والجرب ماتت بصندوق "وضاح" بلا ثمن=ولم يمت في حشاها العشق والطرب كانت تراقب صبح البعث فانبعثت=في الحلم ثم ارتمت تغفو وترتقب لكنها رغم بخل الغيث مابرحت=حبلى وفي بطنها "قحطان" أو"كرب" وفي أسى مقلتيها يغتلي يمن=ثان كحلم الصبا... ينأى ويقترب حبيب تسأل عن حالي وكيف أنا؟=شبابة في شفاه الريح تنتحب كانت بلادك "رحلاً"، ظهر "ناجية"=أما بلادي فلا ظهر ولا غبب أرعيت كل جديب لحم راحلة=كانت رعته وماء الروض ينسكب ورحت من سفر مضن إلى سفر =أضنى لأن طريق الراحة التعب لكن أنا راحل في غير ما سفر =رحلي دمي... وطريقي الجمر والحطب إذا امتطيت ركاباً للنوى فأنا=في داخلي... أمتطي ناري واغترب قبري ومأساة ميلادي على كتفي=وحولي العدم المنفوخ والصخب حبيب« هذا صداك اليوم أنشده=لكن لماذا ترى وجهي وتكتئب؟ ماذا؟ أتعجب من شيبي على صغري؟=إني ولدت عجوزاً.. كيف تعتجب؟ واليوم أذوي وطيش الفن يعزفني=والأربعون على خديّ تلتهب كذا إذا ابيض إيناع الحياة على=وجه الأديب أضاء الفكر والأدب وأنت من شبت قبل الأربعين على=نار (الحماسة) تجلوها وتنتخب وتجتدي كل لص مترف هبة=وأنت تعطيه شعرا فوق ما يهب شرقت غربت من (وال) إلى (وال)=يحثك الفقر... أو يقتادك الطلب طوفت حتى وصلت (الموصل) انطفأت=فيك الأماني ولم يشبع لها أرب لكن موت المجيد الفذ يبدأه=ولادة من صباها ترضع الحقب »حبيب« مازال في عينيك أسئلة= تبدو... وتنسى حكاياها فتنتقب وماتزال بحلقي ألف مبكية=من رهبة البوح تستحيي وتضطرب يكفيك أن عدانا أهدروا دمنا=ونحن من دمنا نحسو ونحتلب سحائب الغزو تشوينا وتحجبنا=يوما ستحبل من إرعادنا السحب؟ ألا ترى يا »أبا تمام« بارقنا=(إن السماء ترجى حين تحتجب)