رشا، وهي تودع عمتها في مطار مدريد، التقت بجيراننا القدامى عزيز وسامية وطفلتهما الصغيرة نهلة، وعرفت أن عزيز يودع زوجته سامية وطفلتهما نهلة وهما في طريقهما إلى مقر سكنهما الجديد في نواكشوط، وبسؤالها عزيزاً عن مبرر اختيار نواكشوط بعد مدريد كسكن للعائلة أجاب بأن أعماله التجارية قد توسعت، وانتشرت مكاتبه في عدة عواصم عربية وآخرها نواكشوط التي اختارها لسبب وجيه وهو الحفاظ على مستقبل ابنته من الضياع في بلاد الكفر، فهناك في نواكشوط مجتمع محافظ ملتزم بأخلاق الإسلام وعاداته، واللغة العربية الفصحى هي الأكثر تداولا بين المواطنين. وقفت إلى جانبه وهو يودع الزوجة والابنة، وبعد اختفائهما خلف حاجز التفتيش دعاها لتناول فنجان قهوة بحجة أن من عادته الانتظار في المطار إلى حين التأكد من إقلاع الطائرة. وفي قهوة المطار اختار ركنا هادئا وقدم لها قهوتها النسكافية بالحليب ولنفسه قهوة الإسبريسو المركزة مع كأس من اليانسون المخمر. استغربت رشا تناوله الكحول وهو الحريص على تنشئة ابنته في مجتمع إسلامي محافظ، واستغربت أكثر حديثه إليها عن توسع أعماله التجارية ونمو ثروته ، ومن أنه يملك قصرا في حي الموراليخا بجوار سفارات دول مجلس التعاون الخليجي الثرية، وشاليه على البحر في ماربيا، ويختا متوسط الحجم يبحر فيه حول موانئ البحر الأبيض المتوسط وجزره، وأضاف بأن الأمور عسل، سألته كيف تكون الأمور عسلا والعسل نوع من أنواع الغذاء وليس وصفا لحالة من الأحوال! فأجابها بأنه تعبير عربي شائع يفيد بأن الأمور جيدة جدا، وأضاف بأنه قد اتخذ قرارا يعيد لنفسه كل ما ضاع من عمره من ملذات ، ويتمنى أن تقبله صديقا حبيبا وتنسى فارق العمر بينهما فالعطاء بين الجنسين مرتبط بالاستحسان والتراضي، وأن تقبل دعوته لها بمفردها على عشاء شاعري خاص في قصره هذه الأمسية. سألته عما إذا كان كأس اليانسون المخمر قد لعب بعقله فأجابها أبدا، وأنت في بالي وفي خاطري منذ دخلت عالم النساء، وقد أعطاك الله من جمال القوام وجمال الخلق ما يغري كل من يعرفك بقضاء وقت ممتع معك. هنا وقفت رشا وشرر الغضب ينطلق من عينيها لتقول له بأنه رجل مفصوم الشخصية وبحاجة لطبيب نفسي إذا كان فعلا قد أبعد زوجته وابنته لأسباب دينية، وإلا فهو بحاجة لمن يشهر به وبسلوكه ليكون عبرة لمن يعتبر كما شُهرَ مؤخرا برجال الأعمال من حديثي النعمة الذين انغمسوا بالملذات إلى حد أن قارب حبل المشنقة رقبة أحدهم، ورد عليها بقوله إذا رفضت طلبي فهناك مائة فتاة أجمل منك تتمنى القرب مني، وها أنا جالس في المطار أطالع وجوه القادمين وبالتأكيد من بينهم حسناوات لا يعرفن أين يتوجهن للإقامة الممتعة، وأنا خبير بمعرفتهن من أول نظرة. وسألتني تفسير ما حدث لعزيز، فأجبتها بأنني سأضع قصتك معه أمام قراء صحيفة البلاد الغراء، وأخص من القراء الأفاضل أستاذتي السيدة أميمة زاهد التي تعالج مشاكل الأسرة والمجتمع في زاويتها الأسبوعية بمجلة سيدتي، وما عليك إلا الانتظار، والله مع الصابرين. مدريد