مصطلح الجودة أخذ في الفترة الأخيرة مكاناً كبيراً وتبوء مركزاً مرموقاً في عقول وتصرفات الناس بل في البحوث والكتابة أيضاً . وصار البحث عن الجودة دليل على جودة الشركة أو المؤسسة أو الشخص ودليلاً على تطوره الفكري ومستواه العلمي . والبحث عن الجودة ومحاولة الوصول إلى أعلى مستويات الإتقان من الأمور المحمودة التي تحسن الإنتاج وتساهم في التطور والنماء وكما جاء في الأثر : (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ). لكن علينا عندما نبحث عن الجودة أن نبحث عنها ونتحراها أيضاً في عبادتنا وما فرضه الله علينا من الواجبات وما سنه لنا نبينا صلى الله عليه وسلم من السنن . والجودة في العبادة كانت معروفة معنى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم وهو العهد الذي بلغت فيه الجودة في العبادة أعلى درجاتها ثم لم تزل بعد ذلك أخذت في النقص حتى يرث الله الأرض ومن عليها (لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه ). ومن الأمثلة الكثيرة على الجودة في العبادة في العهد الماجد والعصر الزاخر ما يلي : عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه ، فقلت له : لم تصنع هذا يا رسول الله ، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً ؟ متفق عليه . ومن أمثلتها قوله صلى الله عليه وسلم لأبي موسى الأشعري وقد استمع لقرأته (لو رأيتني البارحة وأنا استمع لقرأتك لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود ). ومن أمثلة الجودة في العبادة في عصر التابعين ما فعله عروة بن الزبير رحمه الله عندما أصيبت رجله بالأكلة وقد طلب منه الطبيب شرب بعض النبيذ ليتمكن من تحمل آلام نشر وقطع رجله فأبى ذلك وطلب من طبيبه قطعها وهو مستغرق في صلاته. وحتى تتحقق الجودة في العبادة لابد من توفر شرطين : الأول : الإخلاص لله رب العالمين . الثاني : الإتباع والاقتداء بسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم . وعندما يغفل العبد عن هذين الشرطين لا ترقى عبادته وإن كثرت أو عظمت لمستوى القبول فضلاً عن أن تصل إلى مرحلة الجودة . وإني في هذا المقال أرفع شعار (الجودة في العبادة أولاً)وأحث نفسي وإخواني على مراجعة عبادتنا علماً وعملاً حتى نصل فيها إلى الجودة التي ترفع درجاتنا يوم نلقى ربنا . [email protected]