(ها . . عدنان عرفت حاجة ؟ اخبرني برسالة) كانت هذه آخر رسالة بالهاتف تلقيتها من الأستاذ الصديق محمد صادق دياب يرحمه الله قبل وفاته بأكثر من عشرة أيام، سبقتها في نفس الليلة مكالمة منه يسألني فيها : محمد : عدنان مين من أصحابنا توفيت أمه اليوم ؟ : لم اسمع ولا اعرف . . ربما والدة الزميل عبد العزيز انديجاني . . لكن هذا كان قبل أسبوع وليس اليوم وقد انتهى العزاء . محمد : لا . . لقد وصلتني رسالة اليوم من رقم لم يظهر لدي يخبرني بوفاة أمه . . أخشى أن تكون والدة عبد الله سلمان . . بالله يا عدنان تأكد ربما يكون الخبر قد نشر في صحف اليوم . : الآن أطالع الصحف واتصل بعبد الله وأخبرك . . مع السلامة . خبر الموت مفزع ينسيك لحظة تلقيه أشياء كثيرة . . لقد نسينا أثناء المكالمة أن والدة الصديق المشترك عبد الله سلمان توفيت من سنوات، فأخذت ابحث بسرعة في الصحف فلم أجد أي خبر، فاتصلت على عبد الله سلمان . . وأثناء الاتصال تذكرت . . فلم اخبره بما دار بيني وبين الدياب وتحدثنا في أمور أخرى، وكان الدياب يواصل الاتصال بي أثناء المحادثة فلما جاءته الإشارة بان الهاتف مشغول بعث بالرسالة أعلاه . : يا أبو غنوة لم أجد في الصحف أي خبر وقد تحدثت مع عبد الله وهو بخير . . بعدين أنت ناسي والا ايه . . مو أم عبد الله ماتت من زمان . محمد : والله يا أخي نسيت . : على كل حال إن عرفت شيئا اتصلت بك . محمد : تكفى يا أبو عدن . . مع السلامة . : مع السلامة لم يكن الصحافي والكاتب والأديب الأستاذ محمد صادق دياب يرحمه الله من الشخصيات الغامضة التي يحتاج القارئ أن يتعرف عليها من خلال تحليل للشخصية أو إظهار بعض مما قد لا يعرفه غير من يكتب في هذا الظرف الحزين ، خاصة وان محبي الأستاذ الدياب يتسابقون الآن في التعبير عن حزنهم وألمهم لوفاته فقد تميز يرحمه بتحقيق معادلة يصعب على كثير منا تحقيقها وهي استمرار علاقة المحبة مع الجميع رغم الاختلاف في وجهات النظر إن حدثت فقلد شهدت الكثير من تواصله مع أصدقائه الذين اختلف معهم في وجهات النظر بحميمية وتقدير كبير لمكانتهم الاجتماعية أو الثقافية، بل إن تواصله لم ينقطع حتى عن أبناء حارته أو معارفه ممن نطلق عليهم تجاوزا ( الشعبين ) ولا انس كيف توقفنا ذات يوم خلف إدارة تعليم البنات بجدة ونحن في طريقنا لانجاز عمل لصالح برنامج تلفزيوني كي يلبي دعوة أحد أصدقائه لحفل زواج لتهنئته بل والمشاركة في لعب المزمار وكنت المشارك له أيضا في اللعب . لا اذكر على وجه التحديد متى تعرفت على الأستاذ محمد دياب بصورة مباشرة فلقد عرفته كما عرفه الكثير صحفيا وكاتبا ثم إن صديقنا المشترك الأستاذ محمد الفايدي هو من جمعنا فعرفنا بعضنا وتواصلت لقاءاتنا بين الاستمرار وشبه الانقطاع لظروف كل منا ثم تجمعنا المناسبات أو الأحداث مرة أخرى وكان آخرها حضوره زفاف ابني محمد ومشاركتي الفرحة حيث لعبنا سويا المزمار . برنامج من السعودية مع التحية الذي أنتج لشبكة راديو وتلفزيون العرب هو العمل الإعلامي الوحيد الذي جمعني مع الأستاذ الدياب، كان هو المعد وأنا المقدم والمحاور وقد ترافقنا خلال فترة تصوير البرنامج في السفر بين مدن المملكة، وكانت رحلة فرسان من أمتع الرحلات وأخوفها خاصة وقت سفرنا على متن ( فلوكة ) من جازان إلى فرسان لقد أتاحت الرحلة لي فرصة التعرف على كثير من جوانب الحياة الثقافية للأستاذ الدياب والتي كونها بعصامية وإصرار وإبداع لست الأقدر على عرضه هنا . وبعد .. فلقد حاولت بسطوري السابقة أخي الأستاذ محمد دياب أن أتجاسر وأتجاوز الكثير من لحظات ذرف الدموع والتي ظلت تطاردني منذ سماعي لخبر وفاتك وأنا خارج المملكة، فلما حانت هذه اللحظة التي اكتب فيها هذه الأسطر ولم أتمكن من مشاركة اهلك وأحبابك وداعك الأخير فاني لا املك إلا أن أقول لك الوداع .. اكتبها حزنا وألما لفراقك داعيا الله العلي القدير أن يرحمك ويكرم مثواك ويسكنك جنة الخلد .