نقلت رشا للصديق الياباني موافقة أنطونيو وأنطوانيتا لقضاء الأسبوع الأخير من مارس والأسبوع الأوَّل من أبريل في ربوع اليابان، وشكرته لاختياره أوكراهوتيل لإقامة العروسين في ضوء ما عرفته عن موقعه وميزاته، وقربه من وسط المدينة حيث مخازن "جنزا" الكبرى والمعارض والمتاحف والمسارح التراثيَّة، ومسرح الكابوكي خاصَّة. كما نقلت له حديثي معها عن رياضة ال "سومو" التي تنفرد بها اليابان، وقد تلاقي استحسانًا من العروسين. رحَّب الصديق بتوقيت الزيارة، ومصادفتها مع حفلين كبيرين بمناسبة حلول فصل الربيع. الأوَّل، حفل صاحبي الجلالة الإمبراطور والإمبراطورة الذي يقام في حديقة القصر الإمبراطوري. والآخر، حفل رئيس الوزراء الذي يُقام في واحدة من أجمل حدائق طوكيو. وسيقترح على صديق له مدعوٍّ أن يُقدِّم اسميهما لمراسم القصر الإمبراطوري ليتسنى له اصطحابهما معه للحفلين. ولا شكَّ أنَّ العروسين سيقضيان يومين ممتعين، ويختلطان بعلية القوم من الرسميِّين ورجال العلم والتربية والمال والاقتصاد والإعلام والفنَّانين، إضافة إلى رؤساء البعثات الدبلوماسيَّة الأجنبيَّة المعتمدين لدى اليابان. وستكون فرصة لهما للتعرُّف إلى سفير بلدهما في أجمل حدائق العالم وأبدعها، لا سيَّما في أيَّام موسم ال "ساكورا" الذي تضفي براعمه المتفتَّحة على الحضور جوًّا من السعادة والحبور لا يتوفَّر لليابانيِّين نظير لها في بقيَّة أيَّام السنة. فلا وقت لهم للتمتُّع بإجازات لأكثر من أسبوعين في كلِّ عام لكونهم يعشقون العمل ولا يتركونه إلاَّ لأيَّام قليلة. وتراهم في منتهى السعادة والمرح عندما يحين موعد الإجازات الرسميَّة والموسميَّة. في نهاية المحادثة الالكترونيَّة، وعدها بتأكيد الحجز في أوكراهوتيل، وبترتيب برنامج يليق بالمناسبة يدخل فيه ال "سومو" وال "كابوكي" وغيرهما من الأماكن السياحيَّة والترفيهيَّة، ومن ضمنها زيارة جبل فوجي، وتمضية يوم وليلة في منتجع "هاكوني" للاستحمام بمياه فنادقه المعدنيَّة منشِّطة الجسم، وللاستمتاع بتضاريسه الطبيعيَّة الساحرة، وتذوُّق سمك بحيرته الشهي. وسألها إذا كان العروسان من أكلة السمك الطازج غير المطبوخ، ليرتِّب لهما وجبة عشاء في واحد من مطاعم السوشي والساشيمي. كما رغب في معرفة اهتماماتهما وما يودان مشاهدته وهما في اليابان، فبلده تلبِّي كلَّ احتياجات من يزورها تمامًا، كما تلبِّي مصانعها كلَّ احتياجات الإنسان حيثما كان فوق هذا الكوكب. نقلت رشا خلاصة ما دار بينها وبين الصديق الياباني للعروسين، وأعطتهما بعض المعلومات عن سلوك الشعب الياباني وتعامله مع الأجانب. فالمصافحة وتقبيل الوجنات غير مستساغ لديهم، إذ يتبادلون التحيَّة بحني قاماتهم إلى الأمام بهدوء ، وبعدها يتبادلون بطاقات التعريف الشخصيَّة. ووعدتهما بتجهيز مائتي بطاقة لكلٍّ منهما. نبهتهما بأن يتحدَّثا الإنجليزيَّة المُبسَّطة ببطء وبوضوح لمخارج الحروف ليستوعب المستمع ما يقولونه، وأن يصغوا جيِّدًا لمن يتحدَّث إليهم. فاليابانيُّون، وإن كان معظم شبابهم يتقن اللغة الإنجليزيَّة، إلاَّ أنَّ غالبيَّتهم يجدون حرجًا عند التحدُّث بها تلافيا لنطق غير صحيح. هم شعب ينشد الكمال حتَّى في نُطق الكلمات. وألاَّ يستغربا أبدًا إذا كانت وجوه من يتحدَّثان إليهم غير معبِّرة عن التفاعل مع موضوع الحديث، أو إذا أخذ أحدهم ما يشبه الإغفاءة، والمحاضر يتَّحدث. فإغماض العينين هو لاستيعاب ما يُقال. ملاحظة أخرى ذكرتها رشا بصراحة وهي أنَّ اليابانيِّين يُرشِّدون الإنفاق والاستهلاك، لذا لا يسرفون في تقديم الأطعمة لضيوفهم. فما يُقدَّم في الأطباق من طعام هو لوجبة متوازنة، و "على قَدَرِ يا موسى." وتكفي حبَّة تفاح واحدة ومثلها من البرتقال والموز مع ثُمنِ حبَّة بطيخ مقطَّعة بشكل جمالي لتقدَّم لثمانية أشخاص إلى مائدة الطعام بعد الوجبة الرئيسة. هذا ليس بخلاً وإنَّما احترامًا للنعمة والبُعد عن البذخ والإسراف. أنهت رشا حديثها مع العروسين باقتراح هديَّة مناسبة للصديق، شال حرير طبيعي مطرَّز باليد لزوجته، وطبق معدنيٍّ لنقوش عربيَّة أندلسيَّة مُطعَّم بالذهب. وأضافت أنطوانيتا إلى القائمة عددًا من أقراص ال "دي في دي" المصوَّرة لطبيعة إسبانيا وفنونها الشعبيَّة مع قرص مُدمجٍ لرقصتها ال "سفييانا" الأندلسيَّة المُفضَّلة، فقد تجد فرصة في طوكيو لأداء هذا الفن الشعبي مع زوجها بحضور المضيف وأسرته احتفاء بعودة الحياة إلى طبيعتها بعد الزلزال والتسونامي المدمرين. وانتهت المقابلة على وعد بلقاء قريب. مدريد