فقد الوطن واحداً من رجاله العاملين المخلصين البارزين في مجال الطيران والنقل الجوي وهو معالي الكابتن أحمد مطر مدير عام الخطوط السعودية الاسبق والذي كان عهده متميزاً من حيث حسن الإدارة والتطور الفني والإداري ومستوى الخدمات وانتظام شبكة الرحلات الداخلية والخارجية.. وفي عهد الكابتن احمد مطر واصلت الخطوط السعودية السعي الحثيث لتحتل المكانة اللائقة بها بين كبريات شركات الطيران العالمية والانتماء الى منظمات الطيران الدولية. وقد امضى الفقيد الكابتن احمد مطر مدة 14 عاما في إدارة الخطوط السعودية وقيادتها من نجاح الى نجاح ومن حسن الى الاحسن. وكان يطمح الى المزيد من العطاء وخطوات التطوير والانجاز وكان موضع ثقة وتقدير القيادة الحكيمة. ولاسباب خاصة وطارئة اضطرته الى طلب اعفاء من منصبه وصدرت الموافقة السامية على طلبه، وخرج من الخطوط السعودية وهو مرتاح الضمير، ويشعر بالاعتزاز بما حققه من انجازات في هذا المرفق الحيوي بفضل الله ثم بفضل دعم وتشجيع الحكومة الرشيدة، وما كان يوليه الكابتن احمد مطر من اهتمام ببرامج التدريب الفني والإداري ودعم وتشجيع الكفاءات الوطنية التي جعلها تعمل بأسلوب فريق العمل الواحد وهذا الأسلوب من مميزات الإدارة الناجحة التي مارسها الكابتن احمد مطر بكفاءة واقتدار. اما على المستوى الشخصي والبعد الانساني فقد كان الفقيد الكابتن احمد مطر شخصية مثالية في النبل ودماثة الاخلاق وتكوين الصداقات الحميمة والعلاقات المبنية على الود والاحترام المتبادل فاتسعت مساحة علاقاته وصداقاته الحميمة في المجال الإداري، والوسط الاجتماعي، وأعتز أنني عملت تحت ادارته اكثر من عشر سنوات وكنت وامثالي من الزملاء نحظى بتشجيعه وتقديره المعنوي. وكان تعامله مع العاملين تحت ادارته يسمو فوق نمطية التعامل بين الرئيس والمرؤوس. وأعتز أنني عاصرت نخبة من رجال الدولة المخلصين الذين تعاقبوا على ادارة الخطوط الجوية السعودية بدءاً من معالي الفريق ابراهيم الصالح الطاسان رحمه الله مروراً بكل من الاستاذ شهاب عبدالجواد رحمه الله ثم الاستاذ رميح سليمان الرميح رحمه الله ثم معالي الشيخ كامل سندي، وختمت حياتي الوظيفية في الخطوط السعودية في عهد معالي الكابتن أحمد مطر رحمه الله واستمرت علاقتي الشخصية معه بعد تقاعده وكنت وغيري من الأوفياء المحبين نسعد بزيارتنا لمجلسه الاسبوعي في منزله وكان هدف الجميع تأكيد الود والوفاء لهذا الإنسان النبيل الذي شرفنا برئاسته وأسرنا بأخلاقه وأسلوب ادارته المثالي. وفي السنوات الأخيرة اصبح يقيم في دبي وكان يحضر الى جدة بين حين وآخر ويلتقي بالمحبين والاصدقاء وكنت أحدهم. وحين تواجده في دبي أتواصل معه عبر الهاتف ويغمرني بلطفه ومشاعره النبيلة. ولهذا اشعر بالأسى العميق لفقد هذا الإنسان النبيل، وإنسانيته لم يكن يخص بها أحداً دون أحد. وحين كان في موقع المسؤولية في الخطوط السعودية وحين يعلم أن أحد منسوبي المؤسسة في حالة مرضية وادخل المستشفى يبادر الى زيارته ومواساته مهما كان مستواه الوظيفي متواضعاً. ومواقفه الانسانية والخيرية نعرف بعضها ويخفي علينا الكثير وهو عند الله في ميزان حسناته إن شاء الله. إنني وكل المحبين نشعر بفداحة المصاب بفقد هذا الانسان الذي نعتبره الأخ الأكبر في المقام والعطاء ولا نملك إلا الدعاء النابع من القلب بأن يتغمده الله بواسع رحمته ويثيبه على جهوده المخلصة في خدمة الدين والوطن. وخالص العزاء لجميع أفراد أسرته الكريمة.