خلال عملي الدبلوماسي في غينيا أذكر أن وكيل وزارة الاعلام الغيني للتليفزين اشار في كلمة ألقاها في حفل التسليم الى ان المملكة العربية السعودية -بكل صراحة ووضوح- تقدم لغينيا المساعدات بدون شرط أو قيد. واضاف: ان غينيا لن تنسى مواقف الملكة العربية السعودية، وعلى رأسها جلالة الملك فيصل -طيب الله ثراه- الذي شيد المسجد الكبير الذي يحمل اسمه في مدينة كوناكري العاصمة الذي اصبح معلماً شامخاً من معالمها. بعثت لمعاليه رحمه الله رحمة واسعة -اصل محضر "الاستلام" الموقع من مدير عام الاذاعة والتلفزيون ورئيس قسم البرامج الإسلامية بالتلفزيون الغيني، فأرسل لي معاليه خطاباً فضفاضاً يشكرني فيه على حفل التسليم، والكلمة التي ألقيتها وما ذكرته من خصاله الحميدة. وفي الافطار الرمضاني الذي كان يقيمه -رحمه الله- في داره المجاور لدار آل كامل على الكورنيش في مدينة جدة دعاني بمجرد ما نقل اليه طلعت بقضائي عطلة عيد الفطر في المملكة، لبيت دعوة معاليه، وذهبت مع اخي طلعت والشيخ عبدالقادر نوري وابنيه وصهره، وحينما رآني -رحمه الله- رأيته يبتسم ابتسامة واسعة مرحباً بي وعانقني في عناقاً طويلا، قائلا: بارك الله فيك، لقد اشعرتني -يا طلال- انك على قدر المسؤولية الذي اولاك اياها المليك المفدى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد، فسمعتك العطرة بين الغينيين - وزراء ومواطنين - الذين يترددون عليّ في موسمي العمرة والحج، ويكفيك فخرا -ياابن مكة البار- جميع من قابلني يمتدحون حرصك على اداء صلاة الجمعة مع رئيس الجمهورية وبعض الوزراء في جامع الملك فيصل الكبير في غينيا في كل اسبوع الى جانب ترحيبك بمقابلة الدعاة وتسليمك بنفسك (شيكات) رواتبهم كل ثلاث شهور مع ما تقدمه لهم من مرطبات، وهم الذين يقطعون مئات الكيلومترات حتى يصلوا الى السفارة من مُدن بعيدة في غينيا وسيراليون وليبيريا كما اشادوا بما احدثته من نقلة نوعية وتطورية في السفارة وتحسين اوضاعها،وسهولة الحصول على تأشيرات الزيارة والعمرة والحج في وقت قصير، وفي نفس اليوم. سألته -يرحمه الله رحمة واسعة- من اين لك هذه المعلومات؟ اجابني على الفور يزورني بين الفينة بعضهم يأتون من غينيا وسيراليون وليبيريا للسلام عليّ، وطلب بعض المعونات والمساعدات باعتباري رئيس مجلس ادارةجمعية اقرأ الخيرية، واضاف: صدقني لم ابدأ بمفاتحتهم عنك، وانما يسترسلون الحديث، ويفيضون بذكر ما انجزته من تطوير في جمع اعمال السفارة كتنظيمك للاجراءات المتعلقة بالتأشيرات التي تمنح في عهدك في زمن قياسي وعدم التأخير أو المراجعة مرات عديدة، وجولاتك المفاجئة. شكرت معاليه على هذا الايضاح، وحمدت الله كثيراً ان وفقني في اداء مهمتي التي اديتها -بكل امانة واخلاص- تركت غينيا، واغلب من ودعني من الجاليات العربية والإسلامية يشيدون بالفترة التي قضيتها معهم، وبما انجزته من اعمال في السفارة، ومن مواقف لاتنسى، ويأتي في مقدمتها منح تأشيرتي العمرة والحج لكل اللبنانيين المسلمين المقيمين اقامة دائمة في جمهورية غينيا بعد ان توقفت منذ عشر سنوات. ومن خصاله الحميده حرصه الشديد على تقديم التعازي (المواساة) على كل من يفقد له عزيز، فقد حضر بنفسه عزاء الوالد والوالدة والاخ صدقة -رحمهم الله جميعا رحمة واسعة- لمواساتي بفقدانهم في مكان العزاء في بيت الوالد الكائن في حي الجعفرية في المعابدة في مكةالمكرمة دون ان يشعرك بأنه تجشم عناء الطريق من جدة الى مكة ثم العودة مرة اخرى في نفس الليلة الى جدة. واخر مرة اراه فيها في مدينة الرياض في ذكرى تأبين معالي الاخ الدكتور غازي القصيبي الذي نظمه مركز الشيخ حمد الجاسر الثقافي في مركز الملك فهد الثقافي استغرب -يرحمه الله- في عدم مشاركتي في التأبين خاصة انه معاليه قد اطلع على مقالي المنشور في جريدة الجزيرة عن -ابا يارا- واضاف: كان غازي يقرأ مقالاتك في البلاد. اجبته -رحمه الله- لم اعرف عن موعد المناسبة الا قبل ساعة من حضوري الى هنا اثناء تصفحي موقع جريدة (الوطن)، على اليوتيوب بالصدفة، واضفت: لقد اجدتم في كلمتكم عن -ابا يارا- فيكم البركة- يا ابا ياسر- تبسم ابتسامة خفيفة دليلاً على الرضا. اسأل الله ان يتغمد فقيد العمل الخيري بواسع رحمته وان يسكنه فسيح جناته، وان يلهم اهله وذويه الصبر والسلوان. و"انا لله وإنا اليه راجعون"