الخمار بكسر الخاء منديل واسع طويل تغطي به المرأة رأسها وعنقها، ويطلق الخمار أيضاً على كل شيء ساتر لشيء آخر، والجمع منه اخمر، بضم الخاء والميم. في البداية: لم يكن هناك فرق عند النساء بين الخمر البيضاء أو السوداء أو الملونة، إلى أن قدم إلى المدينة تاجر من العراق يحمل خماراً مصنوعة من عدة ألوان، نجح في بيعها إلا السوداء منها بقيت لديه، فشكى أمره لصديقه الشاعر المبدع: "مسكين الدرامي" الذي اشتهر في القرن الثاني الهجري بشعره الجميل في الغزل، فصاغ له صديقه الشاعر قصيدة جميلة عن الخمار الأسود قال فيها: قل للمليحة في الخمار الأسود ماذا فعلت بناسك متعبدِ؟ قد كان شمر للصلاة ثيابه لما وقفت له بباب المسجدِ يا داعياً لله مرفوع اليد متوسلاً متضرعاً للمنجدِ يا طالباً منه الشفاعة في غد قل للمليحة في الخمار الأسودِ قل للمليحة في الخمار الأسود ماذا فعلت بناسك متعبدِ؟ أسبلتِ منه دينه ويقينه وتركته في حيرة لا لا لا يهتد رُدِّي عليه صلاته وصيامه لا تقتليه بحقّ عيسى وأحمدِ وطلب الشاعر المبدع من صديق التاجر الحائر أن يبحث عمن يغني له تلك الأبيات، فذاع في المدينة أن الشاعر قد رجع عن زهده وعشق صاحبة الخمار الأسود. منذ ذلك الوقت لم تبق في المدينة امرأة إلا اشترت خماراً أسود، فتمكن الشاعر من بيع ما لديه من الخمر السوداء. ترى كم من العادات والتقاليد تكونت وانتشرت واعتاد عليها الناس بفضل قصيدة أو عدة أبيات من الشعر؟ وكم من الأعراف الاجتماعية قد سادت وتمسك بها الناس بفعل حديث غير صحيح؟ مازال الخمار الأسود هو الأكثر شيوعاً بين النساء، وقد تُحارب أو تُلام أي امرأة تجرؤ على تغيير لون خمارها كأن لونه الأسود من فروض الدين.