استيقظ المصريون فجأة «عن الحقيقة الغائبة» التي ضاعت منهم لسنوات عديدة اكتشفوا فجأة انهم كانوا شبه مغيبين على حجم هذا الفساد الضارب بأنيابه الشرسة في كافة الوجوه وأن «ثروات مصر المحروسة» استولى عليها مجموعة من المحظوظين القريبين من (النظام) والباقي خارج الحزمة وانقلب مجتمع مصر إلى مجتمع ال5 بالمائة من السكان حول النظام واعوانه كلهم (مستفيدون) وال95 بالمائة الباقون يقفون (في طوابير العيش) المحزنة. كنت اشاهد ذلك خلال اجازتي السنوية واتعجب حتى رغيف العيش أصبح الحصول عليه بصعوبة (بالغة) ووفق طوابير في بلد زراعي يزرع القمح والقطن هذا الشيء كان يحزنني في كل عام وانا اشاهد المسطحات الخضراء في قرى الشرقية وقد اكلها «العمران» ومصانع الطوب والفحم والمباني السكنية ودعوت الله الا يستمر الحال كذلك بمصر. واستمر الصابرون في صبرهم وفي آخر زيارة لي لمصر في صيف عام 2010م شاهدت سيارات «الهمر» وال B.M.W وافخم السيارات التي يركبها «مصريون» وتعجبت على هذه الفئة الغنية. كنت تسير في مصر الجديدة ومدينة نصر وحي المهندسين والزمالك فتشعر انك في واحد من ارقى الاحياء العالمية وانزل على الفور الى احياء مصر القديمة والخليفة والقلعة وباب الخلق فاشعر انني وسط مجتمع ثان مكافح يعمل ليل نهار ليعيش. اما جيش «الأمن المركزي» المقدام فدعوني اروي لكم هذه الواقعة التي عاصرتها بنفسي كنت في اجازتي السنوية ومقيم بمنزلي بالقاهرة وخرجت مع اولادي متجهين الى «محافظة الشرقية» وتحديدا لمدينة بلبيس وهالتني المفاجأة كان اليوم يوم احتفال كلية الطيران ببلبيس في شهر يوليو من كل عام بتخريج دفعة جديدة من الكلية وسلكت في ذلك (الطريق الصحراوي) من القاهرة لبلبيس وفجأة بعد ان تحركت من مصر الجديدة وجدت رجال «الأمن العام» والامن المركزي ينتشرون عبر الطريق الذي يقترب طوله من حوالى الخمسين كيلومتراً من (القاهرة الى بلبيس) واقسم بالله العظيم انني صادق (تم توزيع رجال الأمن العام المصري) من (القاهرة لبلبيس) وبين الفرد والآخر قرابة الثلاثين مترا وجاء ابناء الأمن العام من السادسة صباحاً حتى الخامسة بعد عصراً الى ان ينتهي رئيس الدولة من تخريج الدفعة الجديدة، المهم انني عندما استطلعت الأمر عرفت أن الرئيس المصري وصل الى بلبيس (بطائرة) هيلكوبتر وليس بالطريق البري الذي تم تأمينه بالبشر والكلاب البوليسية على امتداد (خمسين كيلومتراً) هذه واقعة ارويها والله على ما اقول شهيد. الفساد للركب ** أما حجم الفساد الذي كشفت عنه «ثورة شباب التحرير في مصر» فحدث عنه ولا حرج لم اكن اتصور انا او غيري حجم كل هذا الفساد، اشخاص محددون اغتصبوا اراضي الشعب المصري وامواله والآلاف من الأفدنة بسعر رمزي تبدأ من (خمسين قرشا إلى خمسين جنيها) والمتر فيها يساوي خمسة آلاف جنيه مؤامرة لتصدير الغاز المصري لاسرائيل بأسعار بخسة، فيلات في الساحل الشمالي وشرم الشيخ للمحظوظين فساد في الاعلام الحكومي الرسمي الذي يتحدث فقط عن الرئيس وزوجته وابنائه ويلمع صورتهم ليل نهار واغلبية (الناس المطحونين) تقف في شارع (مجلس الأمة) تطالب بتحسين اوضاعها ولا مجيب؟؟؟ أو دعهم يفرجون عما في نفوسهم من شحنات سرعان ما تزول وليت الفساد وصل فقط للمحظوظين في القاهرة بل نجده انحدر ليصل الى المحليات في القرى والنجوع حتى ان «زكريا عزمي» سكرتير الرئيس السابق حسني مبارك تقمص مرة رداء المعارضة وقال عنه «الفساد للركب» في المحليات في مصر. البلد كان يسودها (حالة من الغليان) وتحتاج الى من يُحرك هذا الرماد وعاد محمد البرادعي الى مصر بعد انتهاء مهمته في الطاقة الذرية الدولية وطالب بأن يشمل (مصر التغيير) وسرعان ما تلقفه الاعلام الرسمي ليعطيه طريحه من كل انواع الشتائم والسباب حتى ان (الرجل امتنع) عن الكلام وتحرك مع الشباب (عبر الفيس بوك) وقصر فترة تواجده في مصر ليقي نفسه من اللعنات!!! واستمر الشرفاء في قطاعات مصر المختلفة من القضاة والمستشارين والصحفيين والفنانين والادباء والمفكرين الكل يحاول ان يتجنب (بطش آلة النظام) والمتمثلة في «امن الدولة» والمباحث حتى جاءت (واقعة اغتيال (خالد سعيد) في الاسكندرية على يد اثنين من المخبرين ضربوه حتى الموت وكظم الشباب المصري (غيظه) على هذه الهمجية بعد ان صورته بعض الاقلام الصحفية انه (متعاطي مخدرات) وهو الذي مات تحت سمع الناس في مدينة الاسكندرية.. كانت هذه الشرارة.. بعد ان خرجت المظاهرات تطالب بالقصاص لخالد سعيد ولم تقبل اسرته العزاء فيه نتيجة الظلم الذي وقع عليه الى ان قامت «ثورة شباب» التحرير في الخامس والعشرين من يناير الماضي ولبست امه بعد ذلك الملابس البيضاء وانضمت لشباب الثورة في ميدان التحرير. الصورة الآن هادئة ** واليوم تحقق لشباب التحرير كل مطالبهم تقريباً ذهب النظام واعوانه بل ان قياداتهم حالياً في (السجن) تحت انتظار المحاكمة عن المال العام الذي نهبوه.. ووزير الداخلية السابق في مصر والذي لعب دوراً في قمع آمال المصريين في حياة ديموقراطية سليمة (كاد الشعب المصري) ان يفتك به وهو في طريقه للمحاكمة بل (وطالبوا بشنقه) وآن الأوان يا مصر الى أن (تسلمي) وتعودي للحياة.