تعتبر الأيدي العاملة الماهرة أو غير الماهرة في الدول الفقيرة ثروة قومية في الدول الفقيرة ذات الكثافة السكانية العالية و مصدراً من مصادر الدخل الوطني لتلك الدول الفقيرة كما أنها مصدر من مصادر توفير العملة الصعبة لتلك البلدان و لذلك فهم يولونها عناية فائقة وينشئون من أجلها وزارة خاصة تسمى وزارة الهجرة والمغتربين ونحو ذلك أما من يستقطب هؤلاء فهي الدول العالية الدخل ذات الكثافة السكانية القليلة ومنها ليبيا التي تفتقر إلى مثل هذه الأيدي محلياً و لعلنا شاهدنا جميعاً ما حصل لهؤلاء في ليبيا اثر الأحداث الأخيرة الجارية هناك من تنكيل وهدرٍ للكرامة وسرقة للأموال و المتاع و ترويع أمنهم و هم الذين قدموا من أجل كسب اللقمة الحلال فيفيدون ويستفيدون. فمنهم الطبيب و المهندس والممرض والمزارع قدموا إلى ليبيا من أجل تأمين مستقبل أسرهم و أولادهم و المساهمة في العجلة الاقتصادية لبلدانهم و لكل مغترب في بلاد الغربة قصة لا تخلو من آلامٍ ومعاناة و حرمان كما حدث في ليبيا فمنهم من ذهب إلى الحدود مع الدول المجاورة بلا مأوى ولا مال ولا رعاية صحية تتفضل عليهم الهيئات والجمعيات الخيرية الدولية بكسرة خبزٍ لا تسمن ولا تغني من جوع و يكون المشهد أصعب حالاً لو كان هذا الوافد مع أسرته وأطفاله ولو أردنا أن نضع اللوم فإن الدولة التي استقبلتهم هي التي تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية لأنها لم توفر لهم الحماية المطلوبة بل هي التي زادت في ترويعهم وسلبهم أموالهم وكرامتهم كما أن دولهم الأصلية خاصة الافريقية ساهمت في معاناتهم و نست كل ماقدموه لدولهم من الأموال و العملات الصعبة ولم تعلم أن هذه الأموال التي يدخرها هؤلاء العمال جاءت بالكد والعرق و الدم والدموع فهم يوفرون القرش على القرش ويحرمون أنفسهم من كل مباهج الحياة ومع هذا يقابلون من دولهم بالجحود والنكران فلم تسأل عنهم ولم تتفقد أحوالهم ولم تبعث لهم بوسائل النقل المختلفة وتركتهم يهيمون على وجوههم في الصحاري والقفار تأويهم خيمة لا تقيهم برد الشتاء والأمطار و تنتشر بينهم الأمراض المعدية الفتاكة في ظروف غاية في السوء وأنا أتساءل أين الصحف الصفراء في لندن وغيرها من مأساة العمالة في ليبيا والتي كانت تصطاد في الماء العكر وتتهم الدول الخليجية زوراً وبهتاناً بإساءة معاملة العمالة الوافدة وقد نصبت من نفسها محامياً عن قضية ملفقة والكل يشهد بأن دول الخليج العربي هي من أرقى الدول في التعاون مع الأيدي العاملة القادمة إلى بلدانها للمساهمة في عملية التطور والتنمية ولعله من المؤسف أن نرى الدول الأوربية الغير مسلمة تحرص على أبنائها من الأيدي العاملة و السياح هنا و هناك فتقوم بإجلائهم سريعاً بأفخم وسائل النقل ؟ تلك علامة استفهام كبيرة والله من وراء القصد وقفة قال تعالى في محكم التنزيل (وقد فضلنا بعضكم على بعض في الرزق و جعلنا بعضكم لبعض سخريا) [email protected]