وأنا أتصفح صحف يوم السبت 30 ربيع الأول 1432ه قرأت ما كتب عن موضوع متشددين يتوعدون معرض الكتاب وسموا أنفسهم بالمحتسبين والحقيقة أنني تفاعلت مع موقف هؤلاء سلباً وإيجاباً وسأبدأ بالإيجاب: الحمد لله أن في هذه الأمة من يغير على هذا الدين وهذا البلد وعلى ثوابته، وأقول لهؤلاء المتشددين جزاكم الله خيراً ولكن وهي لكن كبيرة كيف يمكن أن يكون عملنا وغيرتنا في محلها وكيف يجب أن تتصرف حتى لا يكون ما نعمل لمحاربته سبباً في مصيبة كبرى نندم عليها لاحقاً عندما لا ينفع الندم وسأكون صريحاً لأن الموضوع لا يحتمل المجاملات ولا التورية ولا الرمزية ولا غير ذلك هذا موضوع هام وخطر جداً، والله من رفع السماوات السبع وخلق كل شيء وزين ابن آدم بالعقل والحكمة والحصافة، إنني أكره كل من لا يؤمن بالله وأعادي كل من يعتدي على دين الله وشرعه وعلاقتي مع الناس تعتمد على مدى قربهم أو بعدهم عن الصراط المستقيم والطريقة التي اختارها الله لعباده ولكني دائماً أحتاط لما أفعل بأن أحاول كل جهدي أن أفهم ما أقرأه أو أجد أمامي حتى لا أتصرف بجهل وبالتالي أسبب ضرراً لنفسي وللآخرين ولديني دون علم مني ولقد شاهدت في حياتي الكثير من الفتاوى والتصرفات التي كنا نعتقد أنها موافقة للدين ثم اتضح لنا خطأها وإنها نتيجة قلة علم فيما أفتينا فيه أو نشدد في الفتوى أو اعتماد على علم نتج عن ظروف لذلك العالم هي غير ظروفنا التي نعيش فيها لذا التزمت ما اسميه الحصافة وهو أن نتصرف بعقل واتزان بعد أن تعلم أن فوق كل ذي علم عليم وأحياناً لا نرى هذا لأن غشاوة التشدد والغيرة تغطي عنا الحقيقة. أولاً: لقد أصبح عالمنا كله اليوم مفتوحاً على بعضه البعض وأصبحنا بفضل وسائل الإعلام وبفضل وسائل الاتصالات ومنها الانترنت وغيره قادرين على الاطلاع على ما هو مباح أو ما هو محرم حسب عرف البعض أو ما هو ضد الدين أو ما هو مع الدين أو.... أو .... الخ. ومن الصعوبة بمكان أن نمنع ذلك عن أبنائنا وبناتنا وأمهاتنا وآبائنا و.... الخ. ثانياً: إننا في عصر الأغلبية فيه بالعدد تغلب الأقلية حتى ولو كانت الأقلية هم أعلم الناس وصفوة الشعب لذا واجب على هذه الصفوة أن تتعلم كيف تجعل من هذه الأغلبية تسير حسبما تتمنى الصفوة وهذا لا يتم بالقوة والعنف ولكن بوسائل كثيرة تحتاج منا الصبر والحصافة والذكاء وحسن التدبير. ثالثاً: إننا كعقلاء ومتدينين وغيورين على ديننا وعرضنا وحرماتنا لابد وأن لا نضع أنفسنا في خط المواجهة مع الشعب "الأغلبية" بل نكون جزءاً منهم وألا يتركون لنا الدين والحرمات وغيرها في حين لا نستطيع أن نجبرهم على شيء كما قال تعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين) سورة آل عمران الآية (159). وهذا الخطاب موجه للحبيب صلى الله عليه وسلم وهو لكل من يضع نفسه على مقعد رسول الله لينقذ الأمة من الكفر والشرك والفساد. رابعاً: إن إثارة الضجة والمشاكل والاعتراض بقوة يعطي ما نحن ضده دعاية تلفت نظر الناس إليه فنكون قد ساهمنا بسوء تصرف منا في الدعاية لما نحن ضده. خامساً: لم يعد مقبولاً اليوم من الشباب والناس أن يكون لأحد الوصاية على عقولهم وما يجب أن يقرأوه ويطلعوا عليه أو ما لا يجب فذلك يثير حفيظتهم ضد الطرف الآخر. سادساً: ليس كل ما نراه ضدنا أو ضد ديننا هو كذلك فكثير من الامور لو نظرنا إليها من جوانب مختلفة وبخلفيات علمية لرأينا فيها إيجابيات ولوجدنا أنها يمكن أن تكون مقبولة. سابعاً: إن هناك مشاعر تتزايد سلباً يوماً عن يوم في الامة بسبب التطرف والتشدد وهذا يمكن أن يدخل الأمة في ما سبق وحدث في أوروبا في القرون الوسطى وهو ما نعمل على تجنبه لأن ما نطرحه غير ما كان في أوروبا. ثامناً: ليس كل مرض يعالج بالعمليات الجراحية ولا بالمضادات الحيوية إن أغلب الأمراض تعالج بالمناعة الداخلية في ابن آدم، فيجب أن نعمل على أبنائنا وهم صغار في بيوتنا وفي المدارس لنخلق في دمائهم المناعة الصحية حتى لا يتأثروا بأي شيء ويجب أن نعلمهم قبل هذا وذاك كيف يستعملون عقولهم وعقيدتهم في فهم ما يطرح عليهم أو يرسل لهم أو يشاهدونه في الوسائل أو المعارض أو في الخارج هذا ما يجب العمل عليه ونبدأ بتعليم المرأة فهي الأساس في حماية البنى التحتية للدين في نفوس أولادنا فكلما كانت الأم متعلمة وعلى خلق ودين كلما كان أبناؤها وبناتها كذلك. ويجب أن نضع في مدارسنا المناهج المناسبة التي تستطيع خلق المناعة في دماء أبنائنا وذلك أيضاً ينطبق على مناهج المعلمين أنفسهم ولعمل كل ذلك بالشكل الصحيح فإن على علمائنا فهم ديننا كما فهمه الصحابة من رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ديناً سمحاً وسطاً دين عقل وتفكر واحترام لكل أفراد المجتع وتقديراً للعلم والعلماء. وآخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين.