صدق من قال : المال السايب يعلم السرقة وأية سرقة .. إنها سرقة الملايين ، سرقة مال الوطن والمواطن . كيف أستطيع تصديق ما يحصل ؟ موظف في مستشفى يختلس مبلغا تجاوز الأحد عشر مليونا بكل يسر وسهولة خلال ثلاث سنوات ولم يُكتشف ، وعندما تم رصد المخالفة أعترف أنه أخذها بداعي السلفة وليس الاختلاس وكأنه يقول لنا عليكم أن تنتقوا ألفاظكم ..!! أين هي إدارة المستشفى والهيئة الرقابية والقانونية المسؤولة عن تسير مثل هذه الأمور ؟و لماذا لم يفحصوا قصر نظرهم في مستشفاهم قبل اعتلاء مناصبهم أم أن "باب النجار مخلع" يا عالم ؟ شيء مخزي ، ومحزن ، ومبكي ، ومضحك أن يصل بنا الحال لهذا المستوى من السذاجة والدونية في رقابة المال العام .. فلماذا نغضب وتطيش سهامنا عندما نكون عرضة للسرقة في كافة مشاريعنا التي ينتهي حال كثير منها بالفشل. أحدى عشر مليونا بحسبة بسيطة تستطيع أن تؤمن الكفاف كليا لأكثر من ثلاثمائة وخمسين أسرة دون المساس بكرامتهم . ومن غير المعقول أن يكون هذا الموظف لوحده قد قام بكل هذه الإجراءات السوداء .. فهذا المختلس ما هو إلا رجل الديك ولكن أين الديك ؟ ومن غير المعقول أن يكون هو الوحيد الذي وضع يده على المال العام .. ؟ فهذه المليارات التي تُضخ عشوائيا في حساب الوزارات بلا تدقيق ورقابة نهايتها لأيدي السماسرة الذين جاءوا كالذباب المتساقط على وليمة دسمة والنتيجة في النهاية حسرة وطن وبكاء مواطن .. لقد ذهلت حتى أني فتحت فمي من شدة الدهشة وأنا أتخيل كم من الملايين التي غيرت طريقها من خزائن الدولة لخزائن البنوك والمكاتب الخاصة تحت مسميات ومشاريع وهمية .. دهشة من بذخ أصحاب المناصب وتغير حالهم المفاجئ ، ودهشة أكبر من لوعة المواطن وهو يتعثر بحاله . كلما فرحنا بقرارات تنتشل الإنسان وتعزز من فرص رقيه نصدم بتسيير وتنفيذ وتسويف غارق في اللامبالاة حتى أننا وبكل أمانة لم نعد نكترث . ألا يحق لكل مواطن شريف أن يتسلف ولو 1% من هذه المبالغ المتطايرة عن يمينه وشماله ؟ ألا يحق لنا التساوي ؟ أما أنا فيا ليت أتسلف أحدى عشر مليون بشرط أسددها أقساط مريحة ..!