لم يفلت من سخونة الأحداث التاريخية الماضية شخص حتى الأطفال برغم سنوات عمرهم الغض. طفل في السادسة رأى الكل يتلهف لمشاهدة الأخبار التي يهتم بها الجميع وبدأت الأسئلة تنهال على من حوله لفهم معاني الكلمات الغريبة التي تصل لسمعه وتفسير الأحداث التي تجري في الفضائيات على مرأى من عيونه الصغيرة والتي جذبت انتباهه، رأسه الصغير يحفل بالأسئلة التي يريد إجابات عليها، فجيل الكمبيوتر هذا الذي نشأ منذ انتشار الألعاب الإلكترونية التي غزت الأسواق واستهواها كل أطفال العالم على السواء، أطفال هذا القرن الذين تعلموا بأنفسهم تشغيل الكمبيوتر واللعب بما يكتظ به من ألعاب تستهويهم وبالتدريج أصبح الأطفال ناضجون إلكترونياً فحب الألعاب يشدهم للتعلم وليس عصياً عليهم فهم الأخبار التي تبثها الفضائيات وإن ظننا نحن الكبار أنها لا تهمهم في شيء وليست من شؤونهم، والجميل عندما يبدأ الطفل بإلقاء الأسئلة التي تحاول أن تفسرها له بطريقة تظنها ملائمة لسنه الصغير وليست كما هي في الواقع فتفاجأ بأنه يصحح لك معلوماتك فهو يعرف أكثر كثيراً مما تتوقع! دخلت في قواميسهم كلمات لم تكن موجودة في عهدنا وحتى فيما بعدها حتى وقت قريب، كلمات مثل "إرهاب، تفرجيرات، متفجرات، وغيرها" وقد جرى حديث بين طفلين يتحدثان عن المتفجرات التي اشتروها من الأسواق وكيف سيطلقونها، يقصدون بها الألعاب النارية التي تُطلق في الأعياد لتملأ السماء بأشكالها الرائعة ورسوماتها المميزة. من الأسئلة التي وجهها لي طفل السادسة عن ذلك الذي يزيلون صورته ولماذا وعند محاولتي التهرب من سؤاله باغتني قائلاً:" هذا مبارك؟".. اندهشت بشدة، فكيف له أن يتذكر اسم من رفضه شعبه بمجرد أنه يسمع ويرى أخبار العالم التي تحرمه في أحيان كثيرة من مشاهدة أفلام الكرتون التي تسعده، ليس معنى عدم اهتمامه أنه لا يعي ماذا يحدث حوله. علينا الاستعداد دائماً لتفسير ما يتساءل عنه أطفالنا في حدود سنهم فنحن في عهد التكنولوجيا سريعة التطور، وكل يوم يمر يأتي بجديد يفوق كل تفكير فالتكنولوجيا لا حدود لها فما بالنا بالعقل الذي يبتكرها أليس من الأهم أن نعتني به وننميه؟ وخاصة عقول الأطفال الذين أصبح الكثيرين جداً منهم يحلقون مع خيالاتهم التي تذهل سامعها عندما يعطيهم الفرصة التي لن يتركوها تفوت بدون إيصال ما يريدون أو فهم ما يتساءلون عنه بإلحاحهم المستمر. مثل هؤلاء الأطفال لا يحتاجون إلى ترجمة خاصة بقدر ما يحتاجون إلى توجيه غاية في الدقة، وإلحاقهم بمدارس الموهوبين لنهيئهم لإفادة البشرية بتبني آرائهم وتوجيههم التوجيه الصحيح بطرق تربوية تبعد عنهم الافكار والتوجهات الخاطئة التي قد تضر بأمنياتهم الكبيرة وأن لا نستهين بعقولهم فلم يعد في هذا العصر عقول صغيرة فرؤوسهم تحمل الكثير الذي يمكن استخراجه على أرض الواقع والاستفادة منه فيعود على بلادنا بالنفع والتطور التنموي.