منذ أكثر من ربع قرن تقريباً ونحن نسمع ونقرأ تصريحات المسؤولين في الجهات التعليمية عن وجود خطة وطنية للاستغناء عن المدارس المستأجرة وبناء الآلاف من المدارس النموذجية في كافة المناطق من مدن ومحافظات وأرياف وضواحٍ وغيرها من الجهات التي يوجد بها سكان وأطفال يحتاجون إلى مدارس نموذجية لأن المدارس التي يدرسون فيها مستأجرة ولا تنفع لهذا الغرض وبعضها خطر على حياتهم، ولكن السنوات تمر ولم يزل الآلاف من المدارس تقبع في مبانٍ مستأجرة مكونة من شقق ومطابخ وسطوح مكشوفة يتم استخدامها بعد تظليلها بالزنك لتكون مكاناً لطابور الصباح ولقضاء الفسح وأحياناً يكون الطابور والفسح في الشارع المجاور للمدرسة، وقد قرأت لأحد المسؤولين في وزارة التربية والتعليم قبل فترة تصريحاً يقر فيه بأن نسبة المدارس المستأجرة قد زادت في السنوات الأخيرة مما كانت عليه من قبل بنسبة "10%" فيما هناك تصريحات لمسؤولين في إدارة التعليم تنشر بين الفينة والأخرى حول المواقع التي تخصص في المخططات لبناء مدارس نموذجية عليها وأنه لعدم وجود أموال لدى الوزارة تم التصرف فيها من قبل أصحاب تلك المخططات وهذا كله يجعلنا نسأل عن مصير الخطط المعلنة من قبل الجهات التعليمية التي تبشر بالقضاء التام على المدارس المستأجرة لتأثيرها السلبي على نفسيات الطلاب ومستوياتهم الدراسية. فإذا كانت اعداد المدارس المستأجرة في ازدياد والأراضي المخصصة لبناء مدارس عليها في المخططات يتم التفريط فيها ويغير استخدامها بحجة عدم وجود مبالغ معتمدة لبناء المدارس عليها فكيف يمكن للوزارة الوفاء بما وعدت به من قضاء شامل وكامل على المدارس المستأجرة في الوقت الذي يؤكد فيه الواقع أن هذا النوع من المدارس في ازدياد وأن مثل هذا السؤال لا يحتاج إلى تبريرات وإنما إلى خطة عمل وطنية حازمة وحاسمة ذات مدة زمنية محددة يتم خلالها القضاء المبرم على جميع المباني المستأجرة بإقامة مبانٍ نموذجية بديلاً لها، فالتعليم وتطويره لا يكون بالانشغال في تطور المناهج بل إن المناهج جزء من عملية التطوير التي يجب أن تشمل البيئة المدرسية ومنها المباني المدرسية والتجهيزات التي تتواكب مع متغيرات المناهج التي تحتاج إلى أجهزة متطورة لا يمكن تحقيقها والاستفادة منها إلا من خلال المدارس النموذجية المهيأة بكل الوسائل ومنها المعلم الذي ينبغي أن يكون قادراً على أداء واجبه ورسالته نحو الأجيال، ومعنى ذلك أن التطوير لا بد أن يبدأ بالمبنى المدرسي النموذجي أما بغير ذلك فإن الطالب المتخرج من هذه البيئة التعليمية سيجد نفسه عاجزاً عن تجاوز أبسط الاختبارات التي يقوم بها نظام القياس، إن الأمل معقود على سمو الأمير فيصل بن عبدالله وزير التربية والتعليم ونحن نعرف حجم المسؤولية والحالة التي وجد عليها هذه الوزارة ولكن هذا قدره وهي مسؤولية بإذن الله سيكون قادراً على حملها، والله الموفق.