من المؤسف جداً أن تكون هناك فعاليات كثيرة- وأحياناً كبيرة- ليس على مستوى المملكة فقط بل يتعدى ذلك إلى جميع الدول العربية أيضاً، وتُشجع هذه الفعاليات أطفالنا وأشبالنا وشبابنا على الشعر الشعبي بأنواعه، في قبال ضعف هذه الفعاليات في مجال تشجيعهم على النتاج الأدبي الفصيح، وهو الأولى برأي ذوي الألباب والغيارى على لغتنا الأم، فنحن لا نقوى إلا بقوة وسيلتنا الوحيدة للاتصال فيما بيننا وهي لغة القرآن الكريم، التي كانت في يوم من الايام لغة العلم والأدب والحضارة والتقدم التقني في مختلف المجالات، ولا تزال هذه اللغة تختزن في كوامنها وظلالها الكثير من اسرار حضارتنا الآفلة، كما تحمل في متنها امكانية الصعود والبناء الحقيقي للحياة من جديدة، ولعل هذا ما يخيف أعداء الأمة لذلك واجهوا اللغة العربية واضعفوها ودسّوا عوامل الهدم في كيانها بالتخريب الثقافي وإفراغها من روحها البناءة. وعلى مستوى الاهتمام باللغة العربية الفصحى وآدابها في مملكتنا الحبيبة لا يسعني هنا إلا أن أدعو كل المسؤولين في الاندية الأدبية، وجميعات الثقافة والفنون، والنوادي الرياضية/ الاجتماعية / الثقافية، والمنتديات الادبية الخاصة، وملتقيات الأدباء والشعراء ، بل حتى مجالس الوجهاء، ان يولوا اللغة العربية الفصحى اهتماً كبيراً، لأنها قبل كل شيء لغة القرآن دستورنا السماوي الذي أنزله خالقنا العظيم لسعادتنا في الدارين الدنيا والآخرة، ولأنها لغتنا كعرب لنا ما لنا من التاريخ العريق الضارب بجذوره في عمق الزمن، وهي لغة أجدادنا وحضارتنا القديمة، وثالثاً لأنها لغتنا الوطنية كما هو مصرح بها في الانظمة واللوائح المنظمة لشؤون حياتنا. وإن الاهتمام بالأطفال والاشبال والشباب بتشجيعهم على الالتزام باللغة العربية نطقاً ومحادثة وكتابة، هذا التشجيع سيقودهم إلى التزود من معين الثقافة العربية الاصيلة، كما هي متناثرة كالنجوم على صفحات كتب تاريخنا العظيم ، وتراثنا المجيد ، وأدبنا الزاخر بألوان من الأجناس الادبية كالشعر بمختلف بحوره وأوزانه ومختلف مضامينه وموضوعاته، والمقامات، والحكايات، والروايات الطويلة، والقصص القصيرة، والتوقيعات، والتعليات ، والتهميشات، والخُطبِ، والتحقيقات الأدبية، والنقد الأدبي التحليلي، والتطبيقي، والدراسات المتخصصة، وغيرها.. هؤلاء الطلاب عندما ينفتحون على ثقافتنا العربية الأصيلة من بوابة اللغة الفصحى سيجدون أنفسهم قد أتقنوا هذه اللغة بطريقة التطبيق المباشر وغير المباشر والمعايشة المستمرة، ف " من شبّ على شيء شاب عليه" كما يقولون في المثل. كما اتقرح أن يتم تنظيم مسابقات متعددة في شتى مجالات اللغة العربية وعلومها،وتكون هذه المسابقات لمختلف المراحل الدراسية، من رياض الأطفال، والمرحلة التمهيدية، والمرحلة الابتدائية ، والمتوسطة، والثانوية، والجامعة، وهكذا حتى المراحل العليا في جامعتنا وكلياتنا ومعاهدنا، ويكون الهدف النبيل في هذه المسابقات هو إتقان اللغة العربية الفصحى والحث على التحدث بها والاعتزاز بالانتماء إليها. حيث من الملاحظ أن سيطرة سوق العمل المتأثر مباشرة بحركة الاقتصاد العالمي تولي اهتماما كبيراً باللغة الانجليزية ومن لا يتقنها لا يحصل على الفرص الوظيفية الجيدة، وهذا لاغبار عليه، إلا أنه يتحقق إلا بسبب غلبة الغرب في قبال انهزامنا الحضاري، ولكن لايستدعي أن نهمل الذين يتقنون اللغة العربية فيجب أن يكون لهم نصيب وافر أيضاً في سوق العمل، وعدم اعتزاز سوق العمل بلغتنا الأم ماهو إلا انعكاس طبيعي للتبعية الاقتصادية والاستثمارية لخطط الغرب في استغلال اسواقنا لزيادة أرباحهم ومكتسابتهم ، وإني أدعو جميع الشركات الصغرى والكبرى أن تولي الاهتمام الاكبر للغتنا الأم لتكون هي اللغة الأولى وأن لا يقل نصيبها عن اللغات الاجنبية الأخرى، ولكن الواقع للأسف الشديد يسير بعكس ذلك، حيث لا يحصل خريج اللغة العربية وآدابها إلا على الوظائف التعليمية أو الصحفية هي من الوظائف المتوسطة في المستوى ورواتبها متدنية للغاية واصحابها هم ضحايا هذه المفاهيم الخاطئة التي أفرزتها الحضارة المادية الحديثة، كما يلاحظ أن اهتمام الشركات والمؤسسات الكبرى في سوق العمل بمن يُطلق عليهم ال " خبراء الأجانب"، وماهم بخبراء بالمعنى الحقيقي ولكنهم يتقنون لغاتهم الأم انجليزية كانت أو لغات أخرى، والخبراء من أبناء الوطن لا يقلون أهمية ومعرفة واتقاناً عن الأجانب ولكن ينطبق عليهم المثل القائل: "حمامة الحي لا تطرب"، ولا يسعني وأنا اختم هذا المقال إلا أن أدعو الله أن يعيد أمتنا إلى جادة الصواب وأن تتمسك بثوابتها وبلغتها الأم حتى تعود الى سابق عهدها وأمجادها، والله ولي التوفيق .. وحتى نلتقي لكم مني كل المحبة،، [email protected]