جمال الحياة يزدان بالأبناء، فهم بهاء الحياة وفخرها، وزينة الدنيا وبهجتها {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} وهم إمتداد الفرع من الأصل، إلا أن الموت على النفس وقعه أليم، وأقتضت حكمة الرحمن أن يذوق مرارته كل إنسان، ولكن أَمَرهْ أن يفقد الأب ابنة مغدوراً به وهو في عمر الشباب، صحيح أن الفراق أمر كائن لا محال منه، إلا أنه على النفس البشرية صعب، ومن أعظم ابتلاءات الموت، موت الأبناء، وبقدر عظم البلاء يكون عظم الأجر، ولابد من التسليم لأمر الله تعالى فهو قدر الله، وأمر الله واقع لا محالة رضينا أم أبينا، فإذا لم نرضى ذهب الأجر أدراج الرياح، فحمداً لله تبارك وتعالى أن كُتِبَ أجل إبني البكر (أمين) المغدور به في هذا الشهر الفضيل، وفي عشر الرحمة 8 / 9 / 1431ه، وهو لم ينهي العقد الثاني من عمرة، فالحمد لله على قضائه وقدرة، والحمد لله على ما أكرمني به من فقدان إبني أمين تغمده المولى بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جناته والذي أحتسب على الله عز وجل أن يجعله من الشهداء، ويدخله الجنة بغير حساب، وحسبي الله ونعم الوكيل على من غدر به في خير الشهور، وأصبر نفسي بقول المصطفى عليه الصلاة والسلام فيما رواة أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقول الله تعالى: ما لعبدي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة) وما أمر به أبو بكر رضي الله عنه الناس بالصبر على فقد الأقارب، فقال: ليس مع العزاء مصيبة، وليس مع الجزع فائدة، الموت أهون ما قبله وأشد ما بعده، أذكروا فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم تصغر مصيبتكم. إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى من أقوالهم: قال الشيخ محمد بن عبد القادر وهو يوصي ابنه: (يا بُني إن المصيبة ما جاءت لتُهلكك وإنما جاءت لتمتحن صبرك وإيمانك، يا بُني القدر سبع والسبع لا يأكل الميتة). شعر: وأبناه أيدري القبر من فيه *** فيه الأمين ومن بالروح نُفديه لولا الإله وإيمان نَدِينُ به *** لكُّنا قُربكَ نشفي ما نُلاقيه لكنها سنة الله التي سلفت *** إن الإله لما قد شاء ممضيه كم من فواجع شتى قد بُلِينا بها *** لكن موتك لا شيء يُدانيه لكن موتك أحزاننا بأجمعها *** يا ليت شعري ماذا أنت لاقيه بني هذا قضاؤنا قد رضينا به *** فحسبنا الله في همٍ نُعانيه نرجوا لك الله في سر وفي علن *** أن يجعل قبرك روضاً أنت رائيه في رحمة الله ابن كان لنا أملاً *** قد وسد الترب وانفضت مغانيه دعاء: اللهم اغفر لإبني أمين المغدور به ما بدر منه من تقصير في عمرة القصير، وأغسله يا رحمن يا رحيم بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أجعل قبره روضة من رياض الجنة، وصبرنا على فراقه، وأملأ قبره بالرضا والنور والفسحة والسرور. ومن أصدق من الله قيلاً {الَّذِينَ ِإذا َأصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ َقاُلوا ِإنَّا لِلَّهِ وَإنَّا ِإَليْهِ رَاجِعُون * ُأوَلئِكَ عَليْهمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهمْ وَرَحْمَةٌ وَأوَلئِكَ هُمُ اْلمُهْتَدُون }. [email protected]