من القضايا التي يتجدد الحديث عنها كل عام صدقة الفطر، ويدور الحديث فيها بين إخراج العين من الطعام وأخراج قيمته. وقد صار دفع القيمة اكثر قبولاً في السنوات الأخيرة ويبدو الاتجاه إليه في ازدياد بعدما بادر عدد من العملاء بالكتابة والحديث في وسائل الإعلام المتعددة عن جواز دفع القيمة على أنه رأي بعض أئمة العلم الذين يعتد بقولهم مثل أبي حنيفة رحمه الله. غير ان السبب الأكثر تأثيراً في التوجه إلى دفع القيمة هو ماحصل من تغيرات حضارية أثرت على الواقع المعيشي للناس وطريقة تداول العين في صدقة الفطر، ولجوء المتصدق عليه الى بيعها ليسد حاجات العيد من غير الطعام المتصدق به. كنت في أحد المساجد الكبيرة في الرياض عندما بدأ الأمام يحدث عن صدقة الفطر ويذكر أنواعها المشروعة من " البر والتمر والاقط والشعير"، فالتفت إلى الشخص الذي يجواري قائلاً: من هو الفقير الذي يمكن أن تقدم له اليوم شعيراً في صباح العيد ليأكله وأسرته ؟! وسائل الإعلام تتحدث أن الشعير علف الحيوانات، وأن الدولة تدعم الشعير مساعدة لمربي المواشي، ثم أنت تجعله صدقة فطرك للفقير!! الآن .. وفي المملكة .. وفي عاصمتها التي تتلألأ بالأنوار نعلم الناس أن صدقة الفطر تخرج شعيراً !! هنا تشعر بالحاجة إلى إخراج القيمة ! مهما قال المتمسكون بحرفية النص فإنهم سيستبدلون بحرفية المنصوص مايسود في البلد من طعام فالأرز لم يكن معروفاً زمن النبي وفي بعض البلاد وتعد البطاطا طعاماً اساسياً أو الذرة أو غيرها. وفي المدن الكبرى التي تعقدت فيها الحياة الآن، وصار الجاهز من السوق يحكم حياة طائفة كبيرة من الفقراء والمحتاجين . وخصوصا الطبقات العاملة. إننا بحاجة الى اعادة النظر في كيفية تطبيق النص حسب الواقع الذي نعيشه إذ لاخلاف في النص اصلاً وذلك بالنظر إلى: "أغنوهم عن المسألة"