المفهوم السائد أن المتقاعدين مسنون غير قادرين على العمل أو العطاء، وهذا ليس بالضرورة أن يكون كذلك في جميع الحالات، فهناك كثيرون منهم من ازدهر عطاؤه أو أنه لم يقل بعد أن تقاعد، وهذا واضح مما يحققونه من نجاح في أعمالهم الخاصة، أو إنتاجهم ومشاركاتهم الفكرية والاجتماعية أو حتى فيما يبذلونه من جهد في ممارسة الرياضة للمحافظة على صحتهم. أيضاً فإن كثيراً ممن تقاعدوا تركوا سيرة حميدة وأداءً مميزاً، وخبرة يصعب أن تعوض، مما جعل المخلصين يتمنون أن يروا أصحابها مستمرين في الخدمة بصورة أو بأخرى، خاصة في بلد كالمملكة، تنمو وتزداد أعماله، وتتعدد احتياجاته، وتتكاثر متطلباته، ويحتاج كل هذا إلى المزيد من الخبرات لتسييره وضبطه، وأيضاً للتعامل السريع مع ما يتفرع عنه من مشاكل، لذا فإن مبادرة وزارة الشؤون البلدية والقروية بالترتيب مع الجمعية الوطنية للمتقاعدين للاستفادة من خبرات وخدمات المتقاعدين في مجالي الهندسة والقانون تستحق الإشادة، وتدعو للنداء بالتوسع في تطبيق هذا التعاون، فالخلافات أثقلت الأجهزة ذات العلاقة، وأصبحت تتطلب وقتاً حتى يتم النظر والبت فيها، مما يتسبب في تعطيل أصحابها وتكلفهم وقتاً وجهداً. فلمساندة هذه الأجهزة يقترح أن تستعين كافة المحافظات بالمتقاعدين، ليس كموظفين ولكن في تكوين أكبر عدد من اللجان المتخصصة، ممن يتمتعون بما ذكر من صفات، وذلك للنظر فيما يقدم من شكاوى وقضايا خلافية، ومن ثم محاولة التوفيق بين أطرافها وحل ما بينهم من خلاف بالتراضي، وإلا إحالة ما استعصى منها بعد دراسته، مرفقاً بالتوصيات للجهة المعنية بالنظر والبت. المتوقع أن هذه اللجان ستحقق نجاحاً كبيراً، وتنهي الكثير من القضايا، فمرئياتها ستلقى قبولاً وترحيباً لدى أغلب أطراف الخلاف، وذلك لما لأعضائها من معرفة ودراية في تفهم المشاكل واقتراح الحلول، كما وأن توصياتها ستكون ذات قيمة استرشادية لدى الجهات التي تملك القرار، مما يسهل عليها سرعة البت فيما تبقى من قضايا، وفي هذا تسريع لأعمال الناس ومراعاة لمصالحهم. للعلم أقول كتب هذا المقال في وقت سابق ولم ينشر في حينه. وقد تطرق معالي وزير العدل للفكرة ونشر رأيه يوم السبت الماضي في كل من عكاظ والرياض الأمر الذي يؤكد ما ذهبنا إليه في هذا المقال من أهمية الموضوع. 6562564 [email protected]