يعاني الشباب في معظم دول العالم الثالث من بطالة حقيقية نتيجة لقلة المواد أو ضعف الانتاج أو كثافة السكان أو عدم الاستقرار أو سوء الإدارة وربما نتيجة لكل هذه العوامل مجتمعة. لكن كيف نفسر وجود البطالة في المملكة ولو بنسبة قليلة علماً بأن المملكة دولة نفطية واقتصادها قوي ومعظم مواطنيها يعيشون في حالة من الرغد والرخاء بدليل ما يؤكده خبراء الاقتصاد أن متوسط الدخل الفردي للمواطن السعودي هو من أعلى مستويات الدخل في العالم. إن ما حققته المملكة من نهضة وتقدم كان انعكاساً للمشروعات العظيمة التي نفذتها الحكومة الراشدة في مختلف مجالات الحياة فليس هناك دولة في العالم قامت بتنفيذ (7) خطط تنموية خمسية كما فعلت المملكة ولكن مع كل مشاهد النهضة في بلادنا التي أذهلت العالم لانزال نقرأ في الصحف أن هناك شرائح في المجتمع ولاسيما من الشباب تعاني من الفقر والبطالة! والواقع أن البطالة في المملكة ليست حقيقية بل هي من صنع أيدينا، والدليل على ذلك أن المملكة تحتضن أكثر من سبعة ملايين موظف وعامل من جميع أنحاء العالم ويعملون على أرضها، ويعيشون في وضع جيد أفضل بكثير من وضعهم المعيشي في بلادهم مع أنه من النادر أن يطلب المواطن السعودي العمل أو الرزق في بلاد غير بلاده. أين المشكلة إذن؟ أن المشكلة تكمن في التقاليد التي نشأنا فيها وتعودنا عليها، فرغم أن ديننا الحنيف يحثنا على العمل إلا أننا نرى أن العمل في بعض الحرف والمهن عيب ومنقصة مع أن العمل شرف كبير. كما أن الشباب الذي يحمل الشهادة الثانوية أو الجامعية يفضل أن يظل عاطلاً عن العمل إذا لم يحصل على وظيفة ذات مردود عال، علاوة على أنه لا يفكر في ممارسة الأعمال الحرة والتجارية لأنه نشأ وتربى على تقاليد تنظر إلى العمل في الحرف والمهن نظرة دونية مختلفة. ومع ذلك فلابد من دراسة أوضاع الشباب وقراءة أفكارهم وطموحاتهم وعلاج مشكلة البطالة حتى لا تتضخم وتؤدي إلى ما لا تحمد عقباه. لابد من إعادة النظر في خطط التعليم والتدريب ولابد من توعية للشباب سواء في القطاع الحكومي أم القطاع الخاص من خلال وسائل الإعلام المختلفة لدفع الشباب إلى الإقبال على العمل ونبذ التقاليد البالية التي ترفض العمل في الحرف والمهن التي أدت بكثير من الشباب إلى التسكع في الشوارع، وغضاعة أوقاتهم سدى. المطلوب من وزارة العمل أن تضاعف جهودها المشكورة في وضع الخطط الكفيلة باجتذاب الشباب إلى العمل وحل مشكلة البطالة التي بدأت تبرز بوضوح وتنذر بالخطر ومطلوب من أجهزة الدولة ومجلس الشورى ومؤسسات القطاع الخاص التفكير في مستقبل شبابنا بطريقة جدية لمعالجة مشكلة البطالة قبل أن تتحول هذه المشكلة إلى كارثة. ولنا سؤال: هل هي بطالة مقنعة أم هي سافرة واضحة؟