قامت صحيفة يمنية ناطقة باللغة الانجليزية بإرسال مندوبتها الى مكتبي للتحاور معي حول احتمالات استمرار زخم المسلسلات في شهر رمضان القادم. وكان السؤال محل عجب عندي، فلاشيء حدث في الساحة العربية والاسلامية يدل على تغيير عادات المشاهدة في شهر رمضان، ولاشيء يمكن توقعه لتغيير عادات المشاهدين العرب بالذات.وحسبما أعرف فإن بعض هذه البرامج والمسلسلات صارت لها تسلسلات بحيث يقدم بعضها عرضه السابع عشر واخرى تقل او تزيد ومن النادر الآن ان يكون هناك مسلسل رمضاني ناجح لايأتي بعدها بعام بجزئه الثاني فإن استمر توفيقه صارت الأجزاء التالية تأتي تباعا. مسلسلات الشربة والصابون هي مسلسلات مشهورة في تقسيمات المنتجات المرئية والمسموعة لدى اساتذة الاعلام، وقد اشتهرت تسمياتها بالعلاقة بالصابون او الشربة بسبب ان المعلنين عن الأصناف التي يعتقدون أن النساء هن المستهلك الرئيسي لها وقد يتخصصن هن بشرائها ، هؤلاء السيدات يشاهدن بدرجة عالية هذه المسلسلات. والاعلانات التي تتخلل فترات الراحة هي المرتبطة بهذا النوع من الجمهور المشاهد. وبالذات في رمضان فإن المسلسلات تتعرض لقاعدة مشاهدة أعلى للمرهقين من الصيام الذين يسترخون امام التلفاز طوال المساء، من النساء والرجال والمراهقين. وهم يأكلون ويشربون اكثر مما يفعلون طوال العام بسبب انهم صاموا، ونسوا حكمة الصيام من أصلها فتصبح القصة صياماً في النهار وأكلاً وشرباً ومسلسلات في الليل. أي ان القصة هي قلب الليل الى النهار وكذلك النهار الى الليل. وكما نلاحظ في القنوات المختلفة منذ اسابيع وهي تعلن عن المسلسلات التي ستتفرد بعرضها في الشهر الكريم فنعرف مقدما ان بيت الحارة سيعاود وشخصيات طاش طاش ستطيش هذا العام أيضا.والبطلات المسنات اللواتي يعالجن آثار الزمن من وجوههن بعملية الشد وأرطال الماكياج سيعدن ايضا ليتألقن مابقي لهن من عمرهن الفني الإفتراضي بأدوار يليق بأحفادهن تأديتها. وسيعود النجوم الذكور ليلعبوا ادواراً صبيانية يوقعون في احابيلهم فتيات صغيرات تحت وهم يحاول ادعاؤه المخرج ويهمن على حروف السيناريو بأنهم لايزالو قادرين على إغراء المتفرجين بالاستمرار في ادوار الشباب. شهر الطبخ ايضا: إنه نظريا شهر الصوم لكنه عمليا شهر المآدب والمأكولات التي لاتتوقف. لهذا تستضيف قنوات التلفزيون المختلفة عدداً كبيراً من مشاهير الطباخين ليشرحوا كل يوم انواعاً واشكالاً من المأكولات لكل من تسول له نفسه ان يستند الى حكمة الصوم بالاحساس بالجوع والاحساس بالآخرين من الفقراء والمحتاجين.وفي نهار كل يوم رمضاني يكون التقاسم واضحا بين ثلث الوقت للإعلانات وثلث للطبخ والطباخين وثلث ثالث للمسلسلات. وفي المساء تصبح الاعلانات والمسلسلات هي المسيطرة والطباخين والطباخات يؤجلون حتى النهار لإذكاء حالة الجوع عند الناس والتفكير دون توقف في المساء وفي الأكل دون هوادة. اقترب الشهر الكريم فكل عام ونتم بخير. [email protected]